المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

455

أوجبت إجمالاً في إطلاق دليل البراءة بتفصيل تقدّم في محلّه، ومثل هذا لا يأتي في الشبهات الموضوعيّة.

الوجه الرابع: حكم العقل المقيّد لدليل البراءة. وقد قلنا فيما سبق: إنّ هذا لا معنى له، إلّا بأن نرجع حكم العقل الى حكم العقلاء، فيكون حاله حال الوجه الأوّل وراجعاً إليه.

الوجه الخامس: أنّه قبل الفحص يحتمل وجود خبر ثقة يدلّ على الإلزام، وحديث الرفع قد خرج منه ـ عندنا ـ موارد خبر الثقة بوجوده الواقعي، فمع الشكّ يكون التمسّك به تمسّكاً بالعام في الشبهة المصداقيّة. واستصحاب عدم ورود خبر الثقة غير جار للعلم الإجمالي بوروده في الجملة. وهذا الوجه لا يجري في المقام حتّى في فرض احتمال خبر ثقة يخبر عن نجاسة الماء مثلاً، فإنّه لا بأس هنا بإجراء استصحاب عدم وجود خبر ثقة، لعدم العلم الإجمالي هنا.

الوجه السادس: العلم الإجمالي بوجود تكاليف، وهذا الوجه من الواضح أنّه لا يأتي في المقام؛ إذ لا يوجد هنا علم إجمالي بتكاليف.

الوجه السابع: أنّ دليل حجّيّة خبر الثقة يدلّ بالالتزام على اهتمام المولى بالواقع المجعول في هذا الدليل بحيث يحكم بوجوب الاحتياط في موارد الشكّ قبل الفحص. وهذا الوجه يأتي في المقام فيما لو احتمل وجود خبر ثقة(1)، فإنّ دليل


(1) مضى منّا عدم حجّيّة الأمارات قبل الوصول؛ لأنّ شيئاً من أدلّة حجّيّتها لا تشمل الأمارة غير الواصلة، وحتّى خبر العدلين الذي يطلق عليه عنوان البيّنة في قوله (صلى الله عليه وآله): «إنّما أقضي بينكم بالبيّنات والأيمان» والذي يدلّ على أنّ خبر العدلين أمر يبيّن الواقع فى نفسه ـ فهو حجّة مطلقة لا في خصوص باب القضاء ـ يكون قوام بيانه للواقع بوصوله، فإنّه قبل وصوله يكون حاله حال الواقع غير الواصل، ولا يصدق عليه لغة عنوان البيّنة.

نعم، لا بأس بأن يقال ـ حتّى في الشبهات الموضوعيّة ـ إنّ نفس دليل الحكم الواقعي يدلّ بالالتزام العرفي على وجوب الفحص بمقدار ينتفي معه عنوان التهرّب من معرفة الحقيقة.

والواقع: أنّ النكات العقلائيّة لوجوب الفحص ـ غير العلم الإجمالي ـ عديدة يختلف بعضها عن بعض في الجوهر وفي حدود النتائج، وليست هي نكتة واحدة:

النكتة الاُولى: ما تعارف لدى العقلاء من اهتمام الموالي بأغراضهم بمقدار إيجاب الاحتياط، أو الفحص بالمقدار الذي لا يصدق عنوان التهرّب من فهم الحقيقة ووصول الواقع. وهذا وحده لا يقتضي الاستقصاء الكامل عن الأخبار والروايات، أو عن القناة التي تعوّد