المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

445

المخصّصين، وتقديم أخبار التعلّم عليه بلا إشكال.

وإن بنينا على الأوّل وقع التعارض بين الدليلين بالعموم من وجه، فمادّة الاجتماع: هي الشبهة قبل الفحص غير المقرونة بالعلم الإجمالي، ومادّتا الافتراق: هما الشبهة قبل الفحص المقرونة بالعلم الإجمالي من ناحية، والشبهة البدويّة بعد الفحص من ناحية اُخرى، فلو فرضنا أنّه لا توجد مزية في أحد الدليلين ـ من قبيل أن يكون أحدهما قرآنياً والآخر غير قرآني ـ حصل التعارض والتساقط في مادّة الاجتماع، ونرجع الى البراءة العقليّة بناءً على ما بنى عليه المحقّق الاصفهاني (قدس سره): من جريان قاعدة (قبح العقاب بلا بيان) حتّى في موراد الشكّ قبل الفحص، أو الى البراءة الشرعيّة عن وجوب الفحص.

الاعتراض الثاني: أنّ أخبار وجوب التعلّم مسوقة مساق الإرشاد الى الحكم العقلي بوجوب الفحص، فإنّ العقل يستقلّ قبل الفحص بالاحتياط لا بالبراءة العقليّة، وحيث كانت هذه الأخبار إرشاداً الى هذا الحكم العقلي فلا تزيد على نفس حكم العقل، فكما أنّ دليل البراءة الشرعيّة يحكم على حكم العقل؛ لأنّ حكم العقل بوجوب الفحص مقيّد بأن لا يرخّص الشارع في ترك الفحص، كذلك يحكم على هذه الأخبار.

وتحقيق هذا الاعتراض: هو أنّ هذه الأخبار يتصوّر لها أحد مفادين:

الأوّل: أن يكون مفادها هو عدم جواز إهمال التكليف الواقعي المشكوك ولزوم التصدّي لمعرفته.

والثاني: أن يكون مفادها عدم جواز إهمال الوظيفة العمليّة، ولزوم تحديدها سواءٌ كانت هذه الوظيفة عبارة عن نفس التكليف الواقعي، أو عن مفاد أمارة من الأمارات، أو عن مفاد أصل من الاُصول.

فإن فرض الثاني صحّ هذا الاعتراض، فإنّ دليل البراءة في الحقيقة يعيّن الوظيفة العمليّة في أصالة البراءة.

لكن لا ينبغي الإشكال في أنّ ظاهر أخبار التعلّم هو الأوّل، فإنّ ما دلّ على أن طلب العلم فريضة، أو غير ذلك إن تمّت دلالته في المقام من سائر الجهات، فهو ظاهر في أنّه لا بدّ من تحصيل التكليف الواقعي المحتمل، وطلب العلم به والفحص عنه، وعندئذ فلا معنى لتحكيم دليل البراءة على هذه الأخبار، فإنّ هذا اللسان يكون بنفسه إعمالاً للمولويّة في مقام حفظ التكاليف الواقعيّة المشكوكة، ولزوم الاحتياط