المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

443

الوجه الثامن: هو التمسّك بأخبار وجوب التعلّم، وهذا الوجه إنّما ينفع لمن عرف صدفة أخبار وجوب التعلّم وتماميّتها سنداً ودلالة، وأمّا من لم يعرف ذلك فلو لم يوجد في المرتبة السابقة على ذلك منجّز لوجوب الفحص، فقد لا يفحص عن نفس هذه الأخبار حتّى يبتلي بالفحص عن الأحكام الشرعيّة، فيحتمل عدم تماميّتها سنداً أو دلالة خصوصاً أنّ المحقّق العراقي (رحمه الله) ذكر أنّها غير تامّه دلالة، فيشكّ ـ عندئذ ـ في وجوب الفحص، فيتمسّك بأصالة البراءة عن وجوبه، فهذه الأخبار إنّما


الاحتياط قبل الفحص بالبيان الذي عرفت، وما مضى في الوجه السادس من العلم الإجمالي بخطابات واقعيّة، ولكن بنحو لا يرجع ذلك الى الوجه السابع ولا إلى الوجه السادس، وتوضيحه: أنّنا في الوجه السابع كنّا نرى أنّ مجرّد احتمال خطاب واقعي يبطل التمسّك بالبراءة قبل الفحص؛ لأنّه على تقدير وجود خطاب واقعي تكون البراءة عنه قبل الفحص منافية له عرفاً؛ لأنّه يدلّ بالالتزام على الاحتياط قبل الفحص، فظهور دليل البراءة في أنّه ليس بصدد معارضة الواقع على تقدير وجوده يمنع عن التمسّك به قبل الفحص، ولكنّنا في هذا الوجه نفترض الغفلة عن أنّ مجرّد احتمال الخطاب يمنع عن إجراء البراءة، ولكنّنا نقول: إنّ العلم الإجمالي بالخطاب يمنع عن إجراء البراءة قبل الفحص، لا بملاك التعارض والتساقط؛ كي يرجع الامر هذه المرّة الى ما مضى من الوجه السادس الذي كان يحاول فيه جعل العلم الإجمالي بالواقعيّات موجباً لتعارض الاُصول وتساقطها؛ بل بملاك أنّ تلك الخطابات المعلومة إجمالاً قد اسقطت البراءة في مواردها بدلالتها على وجوب الاحتياط، فيدخل المقام في باب اشتباه الحجّة باللاحجّة، فلا يمكننا التمسّك بالبراءة في كل مورد احتملنا فيه وجود خطاب واقعي دالّ بالملازمة على وجوب الاحتياط.

وبهذا نكون قد حصلنا على وجه مستقل لإثبات المقصود، لا يرجع الى الوجه السادس، ولا الى الوجه السابع.

أقول: إنّ هذا الوجه وإن كان مفيداً لإبطال التمسّك بالبراءة عن الواقع ابتداءً من دون أن يرجع الى الوجه السابع ولا السادس، ولكن تصل النوبة ـ عندئذ ـ الى البراءة الطوليّة عن وجوب الاحتياط، وينحصر الجواب عن ذلك بأحد أمرين: إمّا بيان أنّ مجرّد احتمال الخطاب الواقعي الذي لو كان لكان دالاً على وجوب الاحتياط كاف في دفع هذه البراءة ـ أيضاً ـ الظاهر دليلها في عدم مصادمة الواقع على تقدير وجوده، وهذا رجوع الى الوجه السابع، وإمّا بيان أنّ هذه البراءات الطوليّة متعارضة ومتساقطة؛ لوجود العلم الإجمالي بالخطابات الواقعيّة الدالّة على وجوب الاحتياط، وهذا رجوع الى الوجه السادس.

ثمّ إنّ لنا حول الوجه السابع كلاماً سوف نذكره ـ إن شاء اللّه ـ في مسألة الفحص في الشبهات الموضوعيّة فراجع.