المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

442

العرفي من خطاب الشارع بلحاظ الارتكاز العقلائي القائم على أساس ما يرون من درجة اهتمامهم غالباً بأغراضهم الإلزاميّة هو ثبوت بعض هذه الدرجات من الاهتمام، وهو الاهتمام بمقدار يوجب الاحتياط في مورد العلم الإجمالي، ويوجب الفحص في مورد يكون عدم الفحص فيه من قبيل التهرّب من الحكم وإغماض العين عنه، وعلى هذا فلو شككنا في تكليف ما لم يصحّ إجراء البراءة الشرعيّة عنه بمجرّد توقّف العلم به على أخذ كتاب الوسائل من الرفّ وفتحه؛ لأنّ الخطاب على تقدير وجوده يكون بحسب ما يظهر منه منافياً للبراءة، فلا يمكن نفي احتماله بالبراءة التي ليست بصدد نفي الحكم الواقعي(1).

نعم قد يتمسّك بالبراءة العقليّة إذا قلنا بجريانها قبل الفحص؛ لأنّ الخطاب الواقعي وإن كان على تقدير وجوده ظاهراً في لزوم الاحتياط قبل الفحص، لكنّ المفروض أنّ ذلك الخطاب لم يصلنا. إلّا أنّه ينسدّ باب إجراء البراءة شرعيّةً كانت أو عقليّة بدليل حجيّة خبر الثقة إذا كان هذا الدليل واصلاً قبل الفحص عن ذاك الحكم المشكوك، فإنّ دليل حجيّة خبر الثقة ـ أيضاً ـ كدليل الحكم الواقعي يدلّ بالالتزاميّة العرفيّة على لزوم الاحتياط فيه قبل الفحص، فإذا شككنا في وجود خبر الثقة وجب الفحص أو الاحتياط، فإنّ دليل الحكم الواقعي وإن لم يكن واصلاً، لكن دليل الحكم الظاهري وهو الحجيّة واصل، وإنّما الشبهة موضوعيّة، وهو يدلّ حسب الفرض على اهتمام المولى بمضمونه بدرجة يلزم الفحص إذا كان يعدّ عدم الفحص من قبيل التهرّب وإغماض العين. ومن هنا سوف يأتي ـ إن شاء اللّه ـ أنّنا في الشبهات الموضوعيّة التي تكون من هذا القبيل ـ أي: أنّ عدم الفحص فيها يعتبر تهرّباً وإغماضاً للعين ـ نقول بوجوب الفحص وعدم جريان البراءة، وما نحن فيه من هذا القبيل(2).

 


(1) كما لا يمكن إجراء البراءة عن وجوب الاحتياط قبل الفحص؛ لأنّها ـ أيضاً ـ ترى عرفاً منافية للحكم الواقعي على تقدير وجوده، فلا تفهم من دليل البراءة الذي ليس بصدد نفي الحكم الواقعي.

(2) وقد ورد في كتاب السيّد الهاشمي ـ حفظه اللّه ـ بعد ذكر الوجه السابع وجه آخر يجمع فيه بين نكتة الوجه السابع: وهو دلالة الخطابات الواقعيّة على وجوب الفحص، أو وجوب