المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

441

الاُصول في المرتبة الثانية من استصحاب عدم الأمارة أو البراءة عنها، وهي تتساقط بالعلم الإجمالي بوجود الأمارة، وفي هذه المرتبة لا يوجد أصل مختصّ ببعض الموراد غير مبتلى بالمعارضة بأصل مسانخ، فإنّه ليس هناك إلّا البراءة والاستصحاب. وهذا ـ أيضاً ـ من نتائج مبنانا في الأحكام الظاهريّة(1).

الأمر الرابع: ما يرد بناءً على مبنى من يقول: إنّه إذا كان في أحد طرفي العلم الإجمالي أصلان طوليّان، وفي الطرف الآخر أصل واحد يتساقط الأصلان العرضيّان، ويبقى الأصل الطولي سليماً عن المعارض. فإنّ هذا قد يتّفق فيما نحن فيه كما في مورد أصالة الطهارة بناءً على جريانها في الشبهة الحكميّة، فأصالة الإباحة أصل في طول أصالة الطهارة حسب مباني الأصحاب من باب كونهما سببيّاً ومسبّبيّاً، فأصالة الطهارة تسقط بالمعارضة مع أصالة الإباحة في سائر الموارد، وتبقى أصالة الإباحة في ذلك المورد.

وهذا ـ أيضاً ـ جوابه يكون على مبنانا(2): من أنّ ألاُصول الأوّليّة لا تعارض بينها، بل وقع فيها الاشتباه بين الحجّة واللاحجّة؛ لتقدّم ما يوجد في الواقع من الأمارات التي هي في معرض الوصول على الأصل، والتعارض إنّما هو بين الاُصول في المرحلة الثانية، وهي كلّها استصحاب وبراءة، فتتساقط جميعاً.

الوجه السابع: أنّ التكاليف الشرعيّة واقعيّة أو ظاهريّة تختلف درجة اهتمام المولى بها، فقد يهتمّ المولى بها بحيث يوجب الاحتياط حتّى في الشبهة البدويّة بعد الفحص، وقد لا يهتمّ بهذه الدرجة، فلا يوجب الاحتياط في الشبهة البدويّة بعد الفحص، وقد يكون الاهتمام أقلّ من هذا ـ أيضاً ـ فلا يهتمّ بتكليفه حتّى لدى الشكّ المقرون بالعلم الإجمالي، أو لا يهتمّ بتكليفه في الشبهة قبل الفحص، وقد لا يهتمّ بتكليفه لا لدى الشكّ المقرون بالعلم الإجمالي ولا في الشبهة قبل الفحص، وتصوير وجود التكليف الإلزامي مع عدم الاهتمام به بدرجة من هذه الدرجات قد مضى في مبحث الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي. ولو خلّينا نحن وحكم العقل، وإن كنّا نحتمل في التكليف المولوي عدم الاهتمام به بشيء من هذه الدرجات، لكنّ الظاهر


(1) أي: أنّ هذا هو الامتياز الثاني من تلك الامتيازات المشار إليها سابقاً.

(2) وهذا هو الامتياز الثالث من تلك الامتيازات المشار إليها.