المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

440

متين في الجملة بناءً على تسليم مبنى انحلال العلم الإجمالي المتقدّم بالمنجّز المتأخّر، ولا يبقى العلم الإجمالي الى الأخير، فليس الدليل وافياً بتمام المدّعى على هذا المبنى.

نعم، بإمكاننا أن نمدّد عمر هذا العلم الإجمالي في الجملة ببيان: أنّه إذا علمنا بمائة تكليف مثلاً في تمام الفقه، ثمّ طالعنا الفقه الى نصفه فوجدنا مائة تكليف، فإنّه سوف لا ينحلّ العلم الإجمالي بذلك؛ لأنّنا كنّا نعلم بوجود مائة منتشرة في تمام الفقه، ولا نحتمل خلوّ أبواب النصف الأخير من الفقه مثلاً من الحكم الإلزامي، نعم إذا فحصنا بنحو وبمقدار لا نعلم إجمالاً بوجود تكليف إلزامي في الباقي يأتي هذا الإشكال بناءً على ذلك المبنى(1).

الأمر الثالث: أنّه إذا وجد في بعض الأطراف أصل غير مسانخ لباقي الاُصول، وكان ما عداه مبتلى بالمعارض المسانخ، فهذا العلم الإجمالي لا يؤثّر في إسقاط ذلك الأصل عن الحجّية بناءً على ما مضى في بحث الملاقي من أنّ الأصل المسانخ يبتلى بالإجمال، ويبقى الأصل غير المسانخ سليماً عن المعارض، فمثلاً بناءً على القول بأصالة الطهارة في الشبهة الحكميّة، إذا شُكّ في طهارة شيء بنحو الشبهة الحكميّة، فأصالة الإباحة فيه معارضة بأصالة الإباحة في بقية الشبهات مثلاً، وتجري فيه أصالة الطهارة من دون معارض؛ لأنّ بقيّة الاُصول كأصالة الإباحة والاستصحاب مبتلاة بالمعارض المسانخ.

والجواب عن هذا الإشكال يكون على مبنانا من تنافي الأحكام الظاهريّة بوجودها الواقعي، فإنّه على هذا المبنى نقول: إنّ بعض الاُصول غير جار في نفسه؛ لوجود الأمارة الملزمة في مورده، وقد اشتُبِه الحجّة باللاحجّة، فتصل النوبة الى


(1) وحتّى على غير ذلك المبنى نقول: إنّ العلم الإجمالي بوجود أخبار ثقات إلزاميّة ينحلّ بالظفر بمقدار المعلوم بالإجمال من تلك الأخبار، والعلم الإجمالي بوجود تكاليف واقعيّة ينحلّ بالظفر ولو إجمالاً بمقدار المعلوم بالإجمال من تلك التكاليف ضمن مجموع ما وجدناه بالفحص من الأخبار؛ وذلك حينمانقطع بمطابقة عدد من تلك الأخبار مساو لذاك المقدار للواقع، فإنّ الانحلال في هذين الفرضين انحلال حقيقي، لا يبتني على القول بانحلال العلم المتقدّم بالمنجّز المتأخّر، نعم انحلال العلم بالتكاليف الواقعيّة بالظفر بأخبار منجِّزة بمقدار المعلوم بالإجمال يتوقّف على ذلك.