المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

439

الى حاله؛ لأنّ الاُصول تجري وتتعارض وتتساقط، فيقال: إنّها لا ترجع بعد الظفر بمنجِّز في بعض الأطراف.

الموقف الثالث: هو أنّ الاُصول المؤمّنة عن الواقع ابتداءً ليست متعارضة؛ وذلك بناءً على مبنانا من وقوع التنافي بين الأحكام الظاهريّة حتّى قبل وصولها، فخبر الثقة الذي هو في معرض الوصول مقدّم في مورده على الأصل، فالاُصول في غير مورد أخبار الثقات ليست مبتلاة بالمعارض. نعم، لا يمكن الأخذ بها من باب اشتباه الحجّة باللاحجّة، ولا يمكن الرجوع الى استصحاب عدم خبر الثقة، أو البراءة عن الحجّية؛ لوقوع التعارض بين هذه الاُصول التي هي في طول الحكم الظاهري بحجّيّة خبر الثقة بالعلم الإجمالي بوجود أخبار ثقات، وبعد الفحص والظفر بموارد أخبار الثقات، وموارد عدم ورود خبر ثقة نتمسّك في المورد الذي لم يرد خبر ثقة بالأصل المؤمّن عن الواقع ابتداءً، ولم يكن هذا الأصل ساقطاً من أوّل الأمر، إلّا أنّنا لم نكن نعرف مورده ثمّ عرفناه، فينسجم موقفنا هناك مع موقفنا هنا تمام الانسجام.

وما ذكرناه هنا إحدى نتائج مبنانا من المنافاة بين الحكمين الظاهريين قبل الوصول(1).

الأمر الثاني: هو الاعتراض المشهور ـ أيضاً ـ المذكور في الكفاية(2): وهو أنّ الاستدلال بالعلم الإجمالي لا يفي بإثبات تمام المدّعى؛ لأنّه ينحلّ بالظفر بمقدار المعلوم بالإجمال، فيلزم عدم وجوب الفحص في الباقي.

وحاول المحقّق النائيني (قدس سره)(3) دفع هذا الإشكال، وإثبات عدم انحلال العلم الإجمالي، وإيجابه للفحص بالنسبة الى تمام المسائل. وبإمكانك أن تعرف تلك المحاولة بمطالعة تقرير بحثه.

وبطلانها واضح، فلا ندخل في البحث عن ذلك. ونقول: إنّ هذا الإشكال


(1) أي أنّ هذا أحد امتيازات جعل العلم الإجمالي بوجود الأمارات المعتبرة متمّماً للوجه الخامس؛ لاسقاط البراءة قبل الفحص، لا وجهاً مستقلاًّ لذلك والتي سبقت الإشارة إليها في آخر بحث الوجه الخامس معتمدين في توضيحها على بحث الوجه السادس.

(2) راجع الكفاية: ج 2، ص 256 بحسب الطبعة المشتملة على تعليقة المشكيني.

(3) راجع فوائد الاُصول: ج 4، ص 279 ـ 280 بحسب طبعة جامعة المدرسين، قم، وراجع أجود التقريرات: ج 2، ص 328 ـ 329.