المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

437

هو مادّة الافتراق للخبر عن الشهرة ليس بأولى من كونه معارضاً بالأصل في مورد الافتراق من الشهرة، فيتساقط الجميع في عرض واحد(1).


(1) لا يخفى أنّه لو فرض التعارض بين الاُصول في مورد الأخبار للعلم الإجمالي بكون بعضها أخبار ثقات، والتساقط بعد تحصيل موارد تلك الأخبار، وقبل معرفة ما يكون منها من الثقات، فهذه الحالة متأخّرة عن العلم الإجمالي الكبير، وتكون ملحقة بفرض تأخّر المنجّز لبعض الأطراف عن العلم الإجمالي، ولو كانت كافية لحلّ العلم الكبير رغم تأخّرها عن العلم الكبير فلِمَ لا نقول: إنّ العثور على أخبار الثقات بعد الفحص الكامل يحلّ العلم الإجمالي الكبير؟! ولا يرد عليه ـ عندئذ ـ إشكال النقض بالمعارضة بالأصل في مورد الافتراق من الشهرة.

وبكلمة اُخرى: أنّ المفروض في شبهة التنافي بين موقفي الاُصولي أنّ المنجّز المتأخّر إن لم يكن ممّا يحلّ العلم الإجمالي حلاًّ حقيقيّاً فهو لا يحلّه حلاًّ حكميّاً، فكيف يأتي توهّم الانحلال هنا حتّى يجاب عنه بما في المتن؟!

ولو فرض التعارض بين تلك الاُصول قبل العثور على موارد تلك الأخبار، فالتعارض ـ آنئذ ـ لا يختصّ بالاُصول التي هي في موارد تلك الأخبار، بل يشمل كلّ أطراف العلم الكبير التي نحتمل ورود الخبر فيها.

والأولى من الناحية الفنيّة في بيان مواقف الاُصولي في مسألة البراءة بعد الفحص: هو أن يقتصر في بيان الموقف الأوّل على دعوى الانحلال الحقيقي للعلم الكبير بالإلزاميّات في الواقع بالعلم الإجمالي الصغير بوجود إلزامات واقعيّة ضمن أخبار الثقات، والانحلال الحقيقي للعلم الكبير بوجود أخبار حُجّة ضمن الشبهات بالعلم بوجود أخبار حُجّة ضمن الأخبار، ويقال: إنّ هذا الموقف منسجم تماماً مع الموقف في مسألة الاحتياط قبل الفحص، فإنّ العلم الصغير يوجب من ناحية الفحص عن تلك الأخبار والاحتياط قبل الفحص، ومن ناحية اُخرى انحلال العلم الكبير، وهذا الانحلال يتمّ حتّى لو فرض هذا العلم الصغير غير مقارن للعلم الكبير ومتأخّراً عنه؛ لأنّ الانحلال الحقيقي للعلم الكبير بالعلم الصغير غير مشروط بالتقارن. ثمّ يذكر موقف آخر للاُصولي في مسألة البراءة بعد الفحص: وهو دعوى الانحلال الحكمي للعلم الكبير بنفس أخبار الثقات الحجّة؛ لأنّها تمنع عن جريان الأصل في موردها منذ البدء حتّى على القول بعدم تعارض الأحكام الظاهريّة قبل الوصول، وعدم حكومة أخبار الثقات على الأصل قبل وصولها؛ وذلك لأنّ أخبار الثقات قد وصلتنا مقارنةً للعلم الكبير ولو وصولاً إجماليّاً، والوصول بالعلم الإجمالي كاف فى التنجيز الموجب لوقوع المعارضة بين الأحكام الظاهريّة المتنافية، فهذا الموقف يبرّر رأي الاُصولي في باب البراءة بعد الفحص، ولا ينافي في نفس الوقت رأيه بالاحتياط قبل الفحص.