المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

435

أخبار الثقات، فهذا العلم الإجمالي بأيّ واحد من تقريبيه يمنع عن إجراء الاُصول؛ لوقوع التعارض بينها.

والاعتراض على هذا يكون باُمور:

الأمر الأوّل: هو الاعتراض المشهور: وهو أنّ التمسّك بتنجيز العلم الإجمالي إن تمّ فكما يُبطل التمسّك بالأصل قبل الفحص كذلك يبطل التمسّك به بعد الفحص؛ لأنّ العلم الإجمالي ليس بلحاظ ما هو في معرض الوصول من أخبار الثقات فحسب حتّى لا يبقى مانع عن الرجوع الى البراءة في غير موارد أخبار الثقات بعد الفحص عن تلك الموارد، بل لدينا ـ أيضاً ـ علم إجمالي بإلزامات واقعيّة ضمن دائرة مطلق الشبهات، أو على الأقلّ ضمن دائرة مطلق الأمارات الحجّة وغير الحجّة، وهذا لا يعالجه تحصيل أخبار الثقات، ففرض التمسّك بالأصل بعد الفحص يساوق فرض دفع إشكال تنجيز العلوم الإجماليّة في المقام بوجه من الوجوه، فالاُصوليّ الذي حلّ مشكلة العلم الإجمالي في بحثه مع الأخباريين في البراءة والاحتياط كيف يتمسّك في المقام بالعلم الإجمالي لنفي البراءة قبل الفحص؟!

أمّا الجواب عن ذلك: بأنّ العلم الإجمالي الكبير ينحلّ بالظفر بأخبار الثقات فيمكن الإيراد عليه: بأنّ هذا عبارة عن وجدان منجّز لبعض أطراف العلم الإجمالي بعد تكوّنه وتساقط الاُصول بالتعارض، وهذا لا يوجب انحلال العلم الإجمالي ورجوع الأصل بعد سقوطه بالتعارض.

وخلاصة الكلام: أنّ موقف الاُصوليّ في مقابل الأخباري في مسألة البراءة والاحتياط بعد الفحص يبدو غير منسجم مع موقف الاُصولي فيما نحن فيه، أعني مسألة الاحتياط قبل الفحص.

 

 


دائرة الشبهات، أو الأخبار الحجّة ضمن تلك الدائرة، هو الذي أوجب الاحتياط قبل الفحص دون إبراز العلم الإجمالي الصغير، فإنّ هذا العلم الإجمالي الصغير وهو العلم بالألزاميّات الواقعيّة ضمن أخبار الثقات، أو بالأخبار الحجّة ضمن الأخبار إنّما يسقط الاُصول حتّى في غير موارد أخبار الثقات، أو في غير موارد الأخبار، من باب أنّ أخبار الثقات، أو الأخبار الحجّة غير متعيّنة المورد قبل الفحص وتكون مواردها مردّدة ضمن موارد كل الشبهات، وهذا يعني في الحقيقة التحوّل الى التمسّك بالعلم الكبير، وإنّما ينبغي إبراز العلم الصغير في مقام بيان انحلال العلم الكبير الموجب لجريان البراءة بعد الفحص.