المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

434

هذا. ولكنّ الصحيح: أنّه حتّى على مبنانا من تنافي الأحكام الظاهريّة بوجوداتها الواقعيّة يمكن التمسّك بالأصل قبل الفحص بعد غضّ النظر عن الوجوه الاُخرى، وذلك إمّا بإجراء البراءة عن الواقع بعد نفي قيام الحجّة بالاستصحاب، فيحرز جزء من موضوع البراءة، وهو الشكّ بالوجدان، والجزء الآخر وهو عدم قيام الحجّة بالاستصحاب، وهذا ما يجري في كثير من موارد التمسّك بالعام في الشبهة المصداقيّة، وذلك إذا كان عنوان المخصّص مسبوقاً بالعدم. وإمّا بإجراء البراءة عن الحجّيّة، وهذا ـ أعني استصحاب عدم الحجّيّة أو البراءة عنها ـ حكم ظاهري في طول الحكم الظاهري الثابت بحجّيّة الأمارة، ونسبته إليه كنسبة الحكم الظاهري الى الواقعي، فلا منافاة بينهما، وهذه البراءة تؤمّن عن الواقع في المرتبة الثانية.

إذن فيجب أن يكون تتميم هذا الوجه بالعلم الإجمالي بوجود أخبار ثقات المانع عن إجراء استصحاب العدم، أو البراءة عن الحجّيّة.

وهذا العلم الإجمالي يتمسّك به ـ أيضاً ـ ابتداءً للمنع عن جريان البراءة عن الواقع وسنذكره ـ إن شاء اللّه ـ في الوجه السادس، إلّا أنّه إذا جعل العلم الإجمالي تتميماً لهذا الوجه نتوصّل بذلك الى بعض مزايا ونكات غير موجودة في فرض جعله وجهاً مستقّلاً كما سيظهر ـ إن شاء اللّه ـ في الوجه السادس.

الوجه السادس: العلم الإجمالي قبل الفحص بوجود الواقعيّات الإلزاميّةضمن أخبارالثقات(1)، أو العلم الإجمالي بوجود أخبار حُجّة ضمن الأخبار، وهي


اللفظيّة من أدلّة الحجّيّة ـ أيضاً ـ لا إطلاق لها لغير الواصل بالفعل، وبذلك ينهار هذا الوجه الخامس.

نعم، يكفي الوصول بالعلم الإجمالي، وهو ثابت في الأخبار، لا أنّ هذا رجوع الى الوجه السادس، والشاهد على ما نقول من أنّ الدليل ليس له إطلاق للأمارة الواصلة: أنّه حينما يدلّ دليل خاصّ في مورد على عدم وجوب الفحص ـ ولو بأقلّ الدرجات كما في باب الطهارة والنجاسة ـ لا نحسّ بكون ذلك معارضاً ومقيّداً لدليل حجّيّة الأمارة، باعتباره يمنع عن حجّيّة أمارة في معرض الوصول غير واصلة بالفعل؛ لعدم الفحص ولو بأقلّ درجات الفحص، كما لو كان أمامنا عدلان نحتمل أنّنا لو استفسرناهما عن حال هذا الثوب لشهدا بالنجاسة.

(1) لا يخفى أنّ المناسب من الناحية الفنيّة البيانيّة الآن إنّما هو إبراز العلم الإجمالي الكبيركما هو كذلك في لسان الأصحاب، بأن يقال:إنّ العلم الإجمالي بوجودالإلزامات الواقعيّة ضمن