المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

432

قد تذكر تلك الحالات في التراجم وأحوال الأئمة (عليهم السلام).

وعلى هذا فليس سكوت الراوي شهادة على عدم قرينة حاليّة من هذا القبيل، فإذا احتملت قرينة حاليّة كذلك سقط الظهور عن الحجّيّة، وما نحن فيه من هذا القبيل، فإنّ من المحتمل وجود قرينة حاليّة صارفة لإطلاق الكلام عمّا قبل الفحص، وتلك القرينة: هي شدّة اهتمام النبي(صلى الله عليه وآله)بنشر الأحكام وتبليغها وترويجها، وحثّ الناس على تعلّمها والاهتمام الشديد الأكيد بالأحكام، فمثل هذا الحال يصرف ظهور قوله(صلى الله عليه وآله): «رفع ما لا يعلمون» عمّا قبل الفحص، بل نحن قاطعون بوجود قرينة حاليّة من هذا القبيل صارفة لظهور الكلام، إلّا أنّنا من باب التنزّل نفرض الشكّ في ذلك، ونقول: إنّه لا يمكن هنا نفي احتمال القرينة بشهادة الراوي.

الوجه الرابع: ما في الدراسات(1) من أنّ الحكم الضروري العقلي بوجوب الفحص ولزوم الاحتياط قبل الفحص دليل على عدم إرادة الإطلاق لما قبل الفحص، بل هو كالقرينة المتّصلة المانعة عن انعقاد الظهور.

ويرد عليه: أنّ هذا الحكم العقلي وإن كان ثابتاً، بل نحن نؤمن بحكم العقل بوجوب الاحتياط حتّى بعد الفحص، لكنّ هذا الحكم العقلي تعليقي، أي: أنّه معلّق على عدم ورود الترخيص من المولى كما هو واضح، فإطلاق دليل البراءة يرفع موضوع هذا الحكم العقلي، فكيف يعقل أن يكون هذا الحكم العقلي قرينة على التخصيص؟!

وكم فرق بين جعل حكم العقل بما هو حكم عقلي مقيّداً مع أنّه حكم تعليقي، وبين ما صنعناه من جعل الحكم العقلائي وارتكاز العقلاء صارفاً للإطلاق.

الوجه الخامس: أنّ دليل البراءة وإن فرضناه في نفسه مطلقاً لكنّه مقيّد بعدم قيام الأمارة المعتبرة على خلافها، فقبل الفحص يكون التمسّك به تمسّكاً بالعام في الشبهة المصداقيّة.

وهذا الوجه مبنيّ على القول بأنّ الوجود الواقعي للحجّة مانع عن جريان البراءة، وهذا يتّجه على مبنانا من أنّ الأحكام الظاهريّة كالأحكام الواقعيّة تتنافى بوجوداتها الواقعيّة، فيقع التعارض بين أدلّتها بمجرّد الوجود الواقعي؛ لأنّ الأحكام


(1) ج 3، ص 308 - 309، راجع ـ أيضاً ـ مصباح الاُصول: ج 2، ص 493.