المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

431

أمّا لو فرض عدم تقديم الكتاب فوقع في المقام التعارض والتساقط فقد يقال: إنّ النتيجة هنا ـ أيضاً ـ هي الاحتياط؛ وذلك لأنّ المرجع بعد التساقط ـ بناءً على إنكار البراءة العقليّة ـ هو الاحتياط العقلي.

إلّا أنّ الصحيح: أنّه بعد التعارض والتساقط تصل النوبة الى البراءة الشرعيّة في المرتبة الثانية، أي: البراءة عن وجوب الفحص والاحتياط(1).

الوجه الثالث: ما هو المختار ـ أيضاً ـ من قصور المقتضي ببيان آخر: وهو أنّنا نبني في موارد الشكّ في وجود القرينة المتّصلة على أنّ أصالة عدم القرينة لا تجري، وأنّ احتمال القرينة المتّصلة يوجب عدم إمكان التمسّك بالظهور كما هو الحال في الشكّ في قرينيّة الموجود، وذلك خلافاً للمشهور الذين فصّلوا بين الشكّ في وجود القرينة والشكّ في قرينيّة الموجود، فقالوا بعدم إمكان التمسّك بالظهور في الثاني وبإمكانه في الأوّل، فنحن نقول ـ على ما مضى تحقيقه ـ بأنّ الشكّ في وجود القرينة ـ أيضاً ـ موجب لعدم إمكان التمسّك بالظهور؛ لأنّ موضوع الحجّيّة هو الظهور الفعلي وهو غير محرز.

نعم، مضى أنّ احتمال القرينة منفيّ بشهادة الراوي؛ إذ يدلّ سكوت الراوي بظهور حاله على عدم وجود قرينة، إلّا أنّ هذا في القرائن المقاليّة، وما يشبهها من القرائن الحاليّة، وأمّا في قرينة الحال العمومي للنبي، أو الإمام المقتنص من مجموع حياته وحالاته، فكثيراً ما لا يلتفت إليها الراوي بالتفصيل أصلاً، وإن كان وجودها يؤثر تكويناً في فهم الراوي للظهور. وبكلمة اُخرى: لم يكن مبنى الرواة على ذكر القرائن الحاليّة التي تكون من هذا القبيل، ولذا لم تذكر في شيء من الروايات. نعم،


أو بالبراءة عنه في المرتبة الثانية.

فإنّه يقال: إنّ هذا الاستصحاب، أو البراءة بنفسه طرف للمعارضة مع المستثنى في الآيتين؛ لأنّ المستثنى يدلّ على أنّ وجود البيان في معرض الوصول كاف لاهتمام المولى بتحصيل غرضه لدى الشكّ ولو لم يصل، وهذا مساوق لعدم إمكان نفي البيان بالاستصحاب، أو البراءة حينما نحتمله.

(1) المقصود إمّا التمسّك بأدلّة البراءة التي هي في مستوى البراءة العقليّة بعد فرض سقوط دليل البراءة التي هي في عرض أصالة الاحتياط بالتعارض المفروض في المقام، أو التمسّك بنفس حديث الرفع لرفع وجوب الاحتياط بعد أن شككنا في الواقع، وفي وجوب الاحتياط.