المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

387

حال النسيان، فإمّا أنـّه يجب على الناسي الصلاة بلا سورة، أو أنّ الصلاة بلا سورة مسقط للواجب عنه، فلو صلّى بلا سورة لم تجب عليه الصلاة حتّى لو تذكّر بعد ذلك في الوقت. والثاني مناف لإطلاق الهيئة في دليل الواجب، والأوّل مناف لفرض عدم إمكان إيجاب الناقص على الناسي.

والجواب: أنّ إطلاق المادّة في دليل الواجب يكون تحته ثلاثة أفراد: الفرد التامّ، والفرد الناقص في حال النسيان، والفرد الناقص في حال الذُكر، ودليل جزئيّة السورة الذي لا إطلاق له لفرض ا لنسيان قد أخرج الفرد الثالث فحسب، فبقي تحت إطلاق مادّة الواجب الفرد الأوّل والثاني، وهيئته إنّما توجب الجامع بين هذين الفردين، ولا مانع من توجّه هذا الوجوب إلى الذاكر والناسي معاً، وهذا في الحقيقة راجع إلى ما مضى من جوابنا عن أصل شبهة الشيخ الأعظم (قدس سره) بإمكان الاكتفاء بخطاب واحد عامّ متعلّق بالجامع بين الفرد الناقص في حال النسيان والفرد التامّ.

وأمـّا إيراد الشبهة بالنحو الثاني، فتارة يقرّب بدعوى مانع داخلي عن التمسّك بالإطلاق، واُخرى يقرّب بدعوى وجود المانع الخارجي عن ذلك:

أمـّا التقريب الأوّل: فهو مختصّ بما إذا كان دليل الجزئيّة بلسان الأمر لا بلسان الإخبار عن الجزئيّة مثلاً، وهو أنّ الأمر لا يشمل العاجز لاشتراط التكليف بالقدرة، فلا يدلّ على الجزئيّة في حال العجز، فيرجع إلى إطلاق دليل الواجب لو كان، وإلّا فإلى الأصل العملي.

وهذه الشبهة لا تجري فيما إذا كان النسيان في بعض الوقت ولم يستمرّ إلى تمامه؛ لأنّ إيجاب الجزء الزائد بلحاظ مجموع الوقت معقول عندئذ.

وعلى أيّة حال، فقد أجابوا عن هذه الشبهة بأنّ الأمر بالجزء لو كان أمراً مولويّاً اختصّ بالقادر، لكنّه ليس كذلك، وإنّما يفهم منه الإرشاد إلى الجزئيّة، وهذا ممكن حتّى بشأن العاجز، فيؤخذ بإطلاقه.

أقول: إنّ انسلاخ هذا الأمر عن المولويّة ممنوع، ولهذا ترى استهجان التصريح بالإطلاق بأن يقول المولى: إقرأ السورة في الصلاة ولو كنت عاجزاً، بخلاف ما لو قال: السورة جزء للصلاة ولو كنت عاجزاً، فهذا الأمر مفاده هو البعث المولوي، نعم هذا البعث ليس بداعي ملاك نفسيّ في السورة ضمنيّ أو استقلاليّ، بل بداعي الجزئيّة أو الشرطيّة، فيكون دائماً مشروطاً بفرض الإتيان بالصلاة إمّا تصريحاً كقوله تعالى: ﴿إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم﴾، أو بحسب الفهم العرفي من منصرف الكلام، كما إذا قال: اقرأ السورة في الصلاة، فإنّ الذي يفهمه العرف من ذلك هو: أنـّه إن صلّيت فاقرأ فيها السورة، ولهذا يصحّ هذا الأمر بلحاظ الصلاة الاستحبابيّة ـ أيضاً ـ