المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

386

 

إطلاق دليل الجزئيّة لحال النسيان

وأمّا المقام الثاني: فهو البحث عن مدى دلالة الدليل اللفظيّ على الجزئيّة في حال النسيان وعدمها، وإن كان هذا خارجاً في الحقيقة عن بحث الأقلّ والأكثر الذي عقد لتوضيح الأصل العملي لدى دوران الأمر بينهما.

وبما أنّ الرجوع في المقام إلى الأصل العملي من براءة أو اشتغال كان متفرّعاً على عدم وجود دليل لفظي يدلّ على الجزئيّة، أو عدمها في حال النسيان، تكلّموا في أصل وجود دليل لفظي على أحد الطرفين وعدمه.

والتكلّم في ذلك يمكن على أحد مستويين:

المستوى الأوّل: التكلّم حسب الدلالة الخاصّة في الأبواب المختلفة المقتضية للجزئيّة وعدمها، كأن يتمسّك في باب الصلاة مثلاً بحديث (لا تعاد)، وهذا المستوى من البحث لا يناسب علم الاُصول، وإنّما يناسب أبواب الفقه، بأن يبحث في كلّ باب عمّا هو مقتضى أدلّة ذاك الباب.

المستوى الثاني: التكلّم حسب قواعد عامّة واستنتاج بعض النتائج مبنيّاً على بعض الفروض، وهذا ما بحثوه في المقام.

وقد فرضوا بهذا الصدد دليلين: أحدهما يدلّ على أصل وجوب الواجب والآخر يدلّ على جزئيّة الزائد، وقالوا: إن كان دليل الجزئيّة له إطلاق ثبتت الجزئيّة في حال النسيان، وإن لم يكن له إطلاق رجعنا إلى دليل الواجب، فإن كان لمادّته إطلاق لفرض عدم هذا الجزء ثبت عدم جزئيّته في حال النسيان، إذ المقيّد إنّما ورد في حال الذكر فقط، وإن لم يكن لشيء من الدليلين إطلاق وصلت النوبة إلى الأصل العملي. ثم أُورد حول هذا الذي ذكروه شبهات وتكلّموا فيها:

فتارة تورد الشبهة بلسان يثبت الجزئيّة في حال النسيان حتّى لو لم يكن لدليل الجزئيّة إطلاق، واُخرى تورد الشبهة بلسان يثبت عدم الجزئيّة في حال النسيان حتّى لو كان لدليل الجزئيّة إطلاق ظاهر؛ وذلك إمّا لمنع الإطلاق بعد التأمّل أو لمانع خارجي.

أمـّا إيراد الشبهة بالنحو الأوّل فهو مبنيّ على شبهة الشيخ الأعظم (رحمه الله) من عدم إمكان إيجاب الناقص على الناسي، وتقريبه: أنـّه لو لم تكن السورة مثلاً جزءاً في