المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

384

إلى هنا نحن تكلّمنا على كل من مبنيي إمكان توجيه الحكم نحو الناسي، وعدمه في صورتين، وهما: فرض زوال النسيان بعد الصلاة وقبل مضي الوقت، وفرض استيعاب النسيان لتمام الوقت.

ولا بأس بالإشارة إلى صور اُخرى للالتفات إلى ما فيها من نكات زائدة تكميلاً للبحث.

منها: أن يفرض تذكّره للجزء المنسيّ بعد الدخول في الركن، وهنا لا يرد على السيّد الاُستاذ ما مضى من إشكال خروج بعض أطراف العلم الإجمالي عن محل الابتلاء، إلّا أنّ هنا علماً إجماليّاً منجّزاً لا محيص عن الاحتياط بلحاظه، وهو العلم الإجمالي الذي مضى في باب الشكّ في أصل الجزئيّة من العلم بأنّه إمّا يجب عليه إتمام هذه الصلاة أو يجب عليه استئناف صلاة اُخرى(1).

وقد مضى عن المحقّق العراقي (رحمه الله) جوابان عن تنجيز هذا العلم الإجمالي: أحدهما لم يكن تامّاً في نفسه، والجواب الثاني وهو تنجّز أحد طرفي العلم الإجمالي بمنجّز آخر وإن تمّ على مبنانا من جريان الأصل في أطراف العلم الإجمالي لدى عدم الابتلاء بالمعارض، لكنّه لا يأتي هنا؛ فإنّ وجوب الإتمام إنّما كان بعلم تفصيلي زال بالتذكّر.

ومنها: أن يفرض تذكّره بعد التجاوز عن المنسيّ وقبل الدخول في الركن لو احتمل عدم لزوم التدارك عندئذ، وحينئذ لو لم يكن التدارك على تقدير عدم وجوبه مستلزماً للوقوع في زيادة مبطلة، أو لفوات الوقت، كان العلم الإجمالي


(1) إن كان موضوع حرمة الإبطال الصحّة الواقعيّة، تمّ هذا العلم الإجمالي، ولابدّ من الاحتياط. وإن كان موضوعها الصحّة الظاهريّة ـ أي جواز الاكتفاء بما بيده من الصلاة ـ جرت البراءة عن الأكثر، وبذلك يثبت جواز الاكتفاء بما بيده من الصلاة وبالتالي يحرم قطعها. وإن كان موضوع حرمة الإبطال الجامع بين الصحّتين، تمّ ـ أيضاً ـ العلم الإجمالي في المقام. وإن كان موضوعها مجموع الصحّتين جرت البراءة عن وجوب الإتمام وعن وجوب الأكثر، ولا علم إجمالي في المقام، وتخيّر بين إتمام ما بيده من الصلاة وبين الاستئناف بإتيان الأكثر.

وإن فرض أنّ الصحّة الواقعيّة موضوع لحرمة الإبطال مع كون وجوب الاستئناف مانعاً عن حرمة الإبطال بشرط أن لا يكون وجوب الاستئناف ناتجاً من علم إجماليّ، كان أحد طرفيه نفس هذه الحرمة تمّ ـ أيضاً ـ العلم الإجمالي في المقام.