المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

383

على البراءة، لكنّ هذا غير دعوى أنّ الشكّ هنا مجرى للاشتغال دون البراءة، على أنّ السيّد الاُستاذ لا يقول بالاستصحاب في الشبهات الحكميّة.

وثالثا: أنّنا لو سلّمنا أنّ الشكّ في المسقط مجرى للاشتغال، وأنّ الشكّ في المقام شكّ في المسقط، قلنا: إنّ الشكّ هنا إنّما يكون شكّاً في المسقط بلحاظ عالم الجعل؛ لأنّ المولى لا يتمكّن من إيجاب الأقلّ على الناسي؛ لشبهة الشيخ الأعظم (رحمه الله)، وأمـّا بلحاظ عالم الملاك والغرض فالأمر دائر لا محالة بين الأقلّ والأكثر؛ لعدم تأتّي شبهة الشيخ الأعظم (رحمه الله)هناك. وعليه، فلا مانع من إجراء البراءة بلحاظ عالم الملاك، فإنّ السيّد الاُستاذ وإن كان لا يقول بجريان البراءة الشرعيّة بلحاظ عالم الملاك؛ لاختصاصها بالمجعولات الشرعيّة، لكن لا بأس بالتمسّك بالبراءة العقليّة حسب مبانيه، وإن كان الصحيح عندنا عدم إمكان التمسّك بها ـ لو قلنا بالبراءة العقليّة في نفسها ـ؛ وذلك لما مضى منّا من عدم انحلال العلم الإجمالي حقيقة عند دوران الأمر بين تعيين وتخيير من هذا القبيل.

وقد نقول بالتمسّك بالبراءة الشرعيّة في المقام؛ وذلك إمّا تمسّكاً بحديث (الرفع)، بدعوى أنّ الرفع لا يفهم منه عرفاً الاختصاص بخصوص المجعول الشرعي، بل يشمل كل تحميل شرعي يكون بفعل الشارع الاختياري، وما نحن فيه من هذا القبيل، فلئن لم يمكن للمولى جعل الأقلّ على الناسي؛ لشبهة الشيخ الانصاري يمكنه بيان الملاك والغرض ولو بنحو الإخبار، فنجري البراءة عن الإخبار بالزائد، وإمّا تمسّكاً بأدلّة البراءة التي لم تشتمل على مثل كلمة (الرفع) فيمكن التمسّك بها حتّى بلحاظ نفس الملاك.

وأمـّا في الصورة الثانية: وهي استيعاب النسيان لتمام الوقت فعدم كون الشكّ هنا شكّاً في المسقط أوضح؛ إذ هو في داخل الوقت لم يجب عليه شيء لا التمام؛ لكونه ناسياً لبعض الأجزاء، ولا الناقص؛ لعدم إمكان إيجابه على الناسي، ويشكّ بدواً في وجوب القضاء عليه بعد الوقت؛ إذ لو كانت السورة جزءاً في حال النسيان فقد فاتته الصلاة وعليه القضاء، وإن لم تكن جزءاً في حال النسيان لم تَفُته الصلاة وليس عليه قضاء.

نعم، بلحاظ عالم الملاك والغرض يعلم إجمالاً بوجود الغرض إمّا في الأقلّ في الوقت، أو في الأكثر في خارج الوقت، وهو علم إجمالي مردّد بين المتباينين، إلّا أنّ أحد طرفيه قد خرج عن محل الابتلاء قبل حصول العلم.