المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

382

هذا. وإن لاحظنا عالم الملاك والغرض وجدنا بلحاظه علمين إجماليين: علم إجمالي مردّد بين الأقلّ والأكثر بلحاظ الوقت، وقد خرج كلا طرفيه عن محل الابتلاء، وعلم إجمالي آخر مردّد بين المتباينين، بناءً على كون القضاء بملاك مستقلّ، وقد خرج أحد طرفيه عن محل الابتلاء.

وأمـّا كلامه الثاني: وهو فرض الاشتغال بناءً على عدم إمكانيّة توجيه الحكم نحو الناسي؛ لكون الشكّ في المسقط، فأيضاً نتكلّم فيه تارة في صورة ارتفاع النسيان بعد الصلاة وقبل انتهاء الوقت، واُخرى في صورة استيعاب النسيان لتمام الوقت.

أمـّا في الصورة الاُولى: وهي ارتفاع النسيان بعد الصلاة وقبل انقضاء الوقت، فلا يتمّ ما أفاده من الرجوع إلى قاعدة الاشتغال؛ للشكّ في مسقطيّة الأقلّ مع العلم بالتكليف بالأكثر، إذ يرد عليه:

أوّلاً: أنّ الشكّ يكون في أصل التكليف لا في المسقط؛ لأنّه على تقدير كون الأقلّ وافياً بالملاك سوف يسقط عند الإتيان به وجوب الأكثر حتّى وإن لم يمكن إيجابه على الناسي؛ لشبهة الشيخ الأعظم؛ إذ يصبح عدم الإتيان به في حال النسيان شرطاً في وجوب الأكثر لا محالة؛ لأنّه بإتيانه يستوفي الملاك بنحو لا يبقى مجال لإيجابه، ويكفي في الشكّ في حدوث التكليف احتمال كون هذا شرطاً للتكليف بالأكثر حدوثاً، بحيث مهما جاء بالأقلّ في حال النسيان كشف عن عدم وجوب الأكثر عليه من أوّل الأمر.

وثانياً: نفترض التسليم بأنّ ترك الإتيان بالأقلّ في حال النسيان ـ على تقدير عدم جزئيّة السورة في حال النسيان ـ ليس شرطاً للتكليف بالأكثر حدوثاً، وإنّما هو شرط له بقاءً، فهو من أوّل الأمر مكلّف بالأكثر إلى أن يأتي في حال النسيان بالأقلّ، فيسقط بذلك وجوب الأكثر، فالشكّ في ذلك يكون شكّاً في المسقط، ولكن مضى منّا أنـّه ليس عنوان كون الشكّ في المسقط هو المدار لجريان أصالة الاشتغال دون البراءة، وإنّما المدار لذلك هو أن يكون الشكّ في فاعليّة التكليف مع الجزم بفعليّته، فعندئذ لا تجري البراءة العقليّة ولا النقليّة؛ لعدم الشكّ في التكليف، أمـّا الشكّ في فعليّة التكليف فهو مجرىً للبراءة ولو فرض شكّاً في مرحلة البقاء دون الحدوث، وصَدَقَ عليه عنوان الشكّ في المسقط، فحيث إنّ الشكّ يكون شكّاً في أصل التكليف ولو بقاءً يكون مجرىً للبراءة.

نعم، قد يجري عند ذلك استصحاب بقاء التكليف، ويقدّم هذا الاستصحاب