المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

381

أقول: إنّ كلا كلاميه في المقام غير صحيح:

أمـّا كلامه الأوّل: وهو أنّ الحال فيما نحن فيه بناءً على إمكان توجيه الحكم نحو الناسي هو حال دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر، فيتّجه فيه نفس الانحلال الذي مضى في بحث الأقلّ والأكثر فهو غير تامّ، سواء فرض النسيان مختصّاً ببعض الوقت بأن تذكّر بعد الصلاة وقبل انتهاء الوقت، أو فرض مستمرّاً ومستوعباً لتمام الوقت.

أمـّا في الفرض الأوّل: وهو فرض التذكّر في الوقت بعد الصلاة، فلأنّ العلم الإجمالي هنا غير منجّز بقطع النظر عن فرض الانحلال الذي مضى في بحث الأقلّ والأكثر، فحتّى لو قلنا بعدم الانحلال هناك لا مجال للاشتغال هنا؛ إذ العلم الإجمالي هنا إنّما يتكوّن بعد خروج بعض أطرافه عن محل الابتلاء؛ لأنّ العلم الإجمالي الموجود في حال النسيان إنّما هو علم إجمالي لشخص آخر يلتفت إلى حال هذا الناسي فيعلم إجمالاً بوجوب الأقلّ أو الأكثر عليه، وهذا العلم لا أثر له؛ إذ ليس موجوداً في نفس الناسي، وأمـّا الناسي في حال النسيان فلا يعقل أن يحصل له العلم الإجمالي بوجوب الصلاة مع السورة المنسيّة مثلاً، أو وجوبها بلا سورة، وإلّا لالتفت إلى السورة وخرج عن كونه ناسياً، نعم، إذا تذكّر بعد الصلاة أنـّه نسي السورة حصل له العلم الإجمالي بوجوب الأكثر، أي: الصلاة التامّة في حال الذكر أو الأقلّ ـ أي الجامع بين الصلاة التامّة والناقصة المقترنة بحال النسيان ـ لكن الطرف الثاني قد خرج عن محل ابتلائه؛ لأنّه قد أتى بالأقلّ قبل ارتفاع نسيانه.

نعم، لو تذكّر في الصلاة بعد مضيّ المحل كان كلا الطرفين داخلاً في محل الابتلاء. وسيأتي منّا ـ إن شاء اللّه ـ حكم ذلك.

وأمـّا في الفرض الثاني: وهو ما إذا استمر النسيان إلى آخر الوقت، فإضافة إلى ما مضى في الفرض الأوّل من كون العلم الإجمالي متحقّقاً بعد خروج أحد الطرفين عن محل الابتلاء نقول: إنّ العلم الإجمالي هنا خارج عن باب الدوران بين الأقلّ والأكثر موضوعاً؛ إذ هو لا يعلم إجمالاً بأنّه إمّا يجب عليه الأقلّ في الوقت، أو الأكثر في الوقت؛ لأنّه في الوقت ليس مكلّفاً بالأكثر حتماً؛ لنسيانه للسورة المانع عن تكليفه بها؛ لعدم قابليّة هذا التكليف للتحريك، وإنّما هو يعلم إجمالاً بوجوب الأقلّ عليه في الوقت، أو الأكثر في خارج الوقت، وهما متباينان.

نعم، هذا العلم الإجمالي ـ كما أشرنا إليه ـ غير منجّز؛ لأنّه حصل بعد خروج الأقلّ في الوقت عن محل الابتلاء.