المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

380

بدون القيد الزائد على الناسي.

وإن فرض الثاني وهو الإطلاق لزم أن يكون الواجب على الذاكر ـ أيضاً ـ مطلق الأقلّ، وأن يكون الزائد بالنسبة للذاكر واجباً في واجب، وهذا ـ أيضاً ـ خلف ما هو المفروض من وجوب الأقلّ مقيّداً على الذاكر.

ولعلّ مقصوده (قدس سره) هو الفرض الثالث؛ إذ هو منسجم مع مبانيه في الموارد التي يُحكَمُ فيها بالاحتياج إلى خطاب ثان، من قبيل باب الواجبات القربيّة، فيفرض (رحمه الله)الخطاب الأوّل فيه مهملاً ويقول: إنّ هذا الإهمال يجب أن يخرج إلى الإطلاق، أو التقييد بخطاب ثان متمّم له، ويسمّي ذلك نتيجة الإطلاق ونتيجة التقييد.

وعلى أيّة حال، فإن فرض الثالث وهو الإهمال مع متمّم الجعل، ورد عليه ـ لو تمّ مبنى الخطاب المتمّم ونتيجة الإطلاق والتقييد في نفسه ـ: أنّ الإهمال في المقام يستحيل بقاؤه، وهو على حاله حسب مبانيه(قدس سره) بل يجب أن يخرج إلى التقييد بخطاب ثان متوجّه إلى الذاكر، والإطلاق بخطاب ثان متوجّه إلى الناسي، فرجعنا إلى ما فررنا عنه من توجيه الخطاب إلى الناسي بدعوى استحالته.

وإن فرض الرابع وهو كون الخطاب مطلقاً بالنسبة للناسي ومقيّداً بالنسبة للذاكر فهذا مرجعه إلى كون الخطاب خطابين: أحدهما خطاب موضوعه الذاكر وهو مقيّد، والآخر خطاب موضوعه الناسي وهو مطلق فرجعنا مرة اُخرى إلى المحذور.

فتحصّل: أنّ دفع الإشكال بفرض خطابين بهذا النحو غير ممكن، وقد عرفت عدم الحاجة إلى تصوير خطابين وأنـّه يمكن تصوير خطاب واحد مؤد للمقصود بأحد النحوين الماضيين.

وأمـّا الجهة الثانية: وهي أنّ الشكّ فيما نحن فيه هل هو مجرى للبراءة أو الاشتغال؟ فقد ذهب السيّد الاُستاذ إلى التفصيل بين ما إذا قلنا بإمكان توجيه الخطاب إلى الناسي، أو قلنا بعدم إمكانه، فإن قلنا بالأوّل كان الشكّ شكّاً بين الأقلّ والأكثر؛ لفرض معقوليّة خطابه بالأقلّ فتجري البراءة، وإن قلنا بعدم إمكانه فالأقلّ لو كان مجزياً فإنّما يكون إجزاؤه من باب كونه مسقطاً للواجب؛ لوفائه بالملاك، وليس هو بنفسه واجباً، إذن فالشكّ إنّما هو في المسقط وهو مجرىً للاشتغال دون البراءة(1).


(1) راجع مصباح الاُصول: ج 2، ص 465.