المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

379

وتبعه عليه المحقّق النائيني (قدس سره)(1) حيث أجابا عن هذه الشبهة بعقليّة نفس صاحب الشبهة الذي يتخيّل الحاجة إلى خطابين، إلّا أنّ صاحب الشبهة كان يفترض أنّ الخطاب الثاني يتوجه إلى الناسي فكان يعترض على ذلك بأنّه غير قابل لتحريك الناسي؛ لأنّ الناسي إمّا أنـّه لا يلتفت إلى توجّه هذا الخطاب إليه، أو يخرج عن موضوع النسيان.

والمحقّق الخراساني فرض توجّه الخطاب الثاني إلى الذاكر، فذكر: أنـّه يوجد هنا خطاب عام بالأقلّ متوجّه إلى مطلق المكلّف فيشمل الذاكر والناسي، والذاكر يخاطب بخطاب آخر مستقل، وهو الخطاب بضمّ الجزء الزائد إلى الأقلّ .

هذا ما ذكره المحقّق الخراساني(رحمه الله) في المقام، وعبارته ظاهرة في التكلّم في مرحلة الثبوت.

والمحقّق النائيني (رحمه الله) ـ أيضاً ـ ذكر نفس التصوير، إلّا أنّ ما وقع في تقرير بحثه من العبارة مشوّش غاية التشويش، فيظهر من بعض العبارة أنـّه ينظر إلى عالم الثبوت والجعل، فذكر جعلين بنحو يثبت بهما وجوب التمام على الذاكر ووجوب الناقص على الناسي، ويظهر من بعضها الآخر أنّ النظر فيه إلى عالم الإثبات وكيفيّة إيصال المطلب إلى الناسي مع كونه ناسياً.

فإن كان المقصود هو الثاني ورد عليه: أنّ هذا الجواب ليس في مستوى الإشكال، فإنّ الإشكال يكون في أصل الجعل المختصّ بالناسي؛ لعدم إمكان إيصاله إلى الناسي بحسب عالم الإثبات، وهذا الاحتيال الإثباتي لا يوصل الجعل المختصّ بالناسي إليه، وإنّما يتخيّل الناسي توجّه الجعل الآخر إليه؛ لأنّه يرى نفسه ذاكراً.

وإن كان المقصود هو الأوّل فهو جواب في مستوى الإشكال؛ لأنّه يتكلّم عن عالم الثبوت ونفس الجعل، لكنّه غير تامّ؛ فإنّنا نتساءل ـ عندئذ ـ عن الخطاب بالأقلّ الذي يعمّ الذاكر والناسي هل هو متعلّق بالأقلّ المقيّد بضمّ الجزء الزائد إليه، أو مطلق من هذه الناحية، أو مهمل يخرج من الإهمال بمتمّم الجعل حسب مبانيه (قدس سره)في باب متمّم الجعل، أو مطلق بالنسبة للناسي ومقيّد بالنسبة للذاكر؟

فإن فرض الأوّل وهو التقييد، فهو خلف ما هو المفروض من وجوب الأقلّ


(1) راجع فوائد الاُصول: الجزء الرابع، ص 71 - 72 بحسب الطبعة التي هي من منشورات مكتبة المصطفوي، وراجع أجود التقريرات: ج 2، ص 304.