المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

377

 

إجراء الأصل المؤمِّن

أمـّا المقام الأوّل: فهو في إجراء الأصل المؤمّن لدى الشكّ في الجزئيّة في حال النسيان، كما كان يجري لدى الشكّ في أصل الجزئيّة حتّى في حال الذُكر.

وفي تحقيق ذلك يجب أن نشخّص هويّة هذا الشكّ في المقام؛ لنرى هل هو داخل في الشكّ في التكليف الزائد الذي فرغنا عن إجراء البراءة عنه، أو هو الشكّ في السقوط مع العلم بالتكليف الذي فرغنا عن عدم اجراء البراءة عنه؟

فتقريب الأوّل: هو أنّ الواجب على الناسي قد تردّد بين أن يكون هو خصوص الأكثر التامّ، أو ما ينطبق على الناقص، وهذا هو دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر الذي عرفت كونه مورداً للبراءة.

وفي مقابل ذلك قد يقال: إنّ الأقلّ حتّى ولو كان واجداً للملاك في حقّ الناسي لا يعقل أن يكون هو الواجب عليه؛ إذ لا يعقل كون خطاب الناسي بالأقلّ محرّكاً له؛ إذ مع فرض عدم التفاته إلى نسيانه لا يرى هذا الخطاب متوجّهاً إلى نفسه، وفرض التفاته إلى نسيانه مساوق لخروجه من النسيان، وهذه الشبهة في إمكانيّة توجيه الخطاب الخاصّ إلى الناسي مذكورة في كلمات الشيخ الأعظم (قدس سره)في الرسائل(1) ويقال مبنيّاً عليها: إنّه لا يحتمل إذن أن يكون الواجب عليه هو الأقلّ، بل الواجب عليه هو الأكثر، ولكنّنا نحتمل سقوط التكليف عنه بإتيانه بالأقلّ على أساس حصول الملاك بالأقلّ، وهذا شكّ في السقوط لا في أصل التكليف، وهو مورد الاشتغال لا البراءة.

والكلام في تحقيق الحال في هذا المقام يقع في جهتين:

الاُولى: في إمكان توجيه الحكم إلى الناسي بنحو يثمر النتيجة المطلوبة وعدمه.

والثانية: في أنـّه على كلا تقديري إمكان توجيه ذلك إلى الناسي وعدمه هل يكون الشكّ في المقام من الشكّ الذي تجري بلحاظه البراءة، أو يكون من الشكّ الذي يجري بلحاظه الاشتغال؟


(1) راجع الرسائل: ص 287 بحسب الطبعة المشتملة على تعليقة رحمة اللّه.