المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

369

الحرمة، فإنّ ما هو متيقّن الحرمة هو الأكثر قد تركه حتماً وما لم يتركه هو الأقلّ ليس متيقّن الحرمة(1).

أقول: إنّ هذا الكلام مغالطة؛ فإنّ المتيقّن حرمته هنا ـ أيضاً ـ هو الأقلّ أعني تصوير الرأس، كما أنّ المتيقّن وجوبه هناك هو الأقلّ، وكما أنّ وجوب الأقلّ كان مردّداً بين الاستقلاليّة والضمنيّة كذلك حرمة الأقلّ هنا مردّدة بين الاستقلالية والضمنية، فنحن نعلم حتماً بحرمة تصوير الرأس أمـّا مستقلاًّ أو في ضمن تصوير تمام الحيوان، ولا نعلم بحرمة الأكثر؛ إذ على تقدير كون الحرام خصوص تصوير الرأس ليس الأكثر حراماً وإنّما هو مشتمل على الحرام(2).

نعم، الأكثر زحمة على المكلّف في جانب الوجوب كان هو الوجوب الضمني، والأقلّ زحمة عليه كان هو الوجوب الاستقلالي؛ إذ على الأوّل لابدّ له من ضمّ السورة بخلافه على الثاني؛ والأمر هنا بالعكس، فالأكثر زحمة هي الحرمة المستقلّة؛ لأنّه يضطرّ ـ عندئذ ـ إلى ترك تصوير الرأس بالخصوص، والأقلّ زحمة هي الحرمة الضمنيّة؛ لأنّه يكفيه عندئذ ترك بعض ما عدا الرأس، ولا يضطرّ إلى ترك تصوير الرأس بالخصوص. وهذا الفرق جاء من اختلاف طبيعة الحرمة والوجوب.

إذا عرفت ذلك قلنا: إنّ برهان صاحب الفصول لو تمّ في باب الواجبات يأتي هنا أيضاً بعينه؛ إذ نقول: إنّه يعلم تفصيلاً بحرمة تصوير الرأس إمـّا حرمة استقلاليّة أو حرمة ضمنيّة(3) فلابدّ له من الامتثال القطعي لذلك، وهذا لا يحصل إلّا بترك تصوير


(1) راجع نهاية الأفكار: القسم الثاني من الجزء الثالث، ص 400 - 401.

(2) لا يخفى أنـّه لا توجد في كلمات المحقّق العراقي (رحمه الله) في نهاية الأفكار دعوى كون الأكثر حراماً، وإنّما توجد فيه دعوى عدم ثبوت حرمة الأقلّ على تقدير ترك الباقي.

نعم، هذا التعبير من المحقّق العراقي (رحمه الله) أيضاً ليس دقيقاً، وإنّما الدقيق ما سوف ننقله عن اُستاذنا الشهيد في التعليق الآتي من أنّ الحرمة المتعلّقة بالمجموع لا تنحلّ إلى حرمات ضمنيّة بلحاظ الأجزاء.

(3) لا يخفى أنّ اُستاذنا الشهيد (رحمه الله) قد عدل بعد ذلك عن دعوى انحلال حرمة المجموع إلى الحرمات الضمنيّة بعدد أجزاء الحرام، كما ينحلّ وجوب المجموع إلى وجوبات ضمنيّة بعدد أجزاء الواجب. ويتّضح ذلك بمراجعة ما كتبناه في أوائل بحث اجتماع الأمر والنهي