المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

368

يتوقّف على إحراز بقاء التكليف والعلم تعبّداً بعدم الامتثال(1).

وهذا الوجه ـ كما ترى ـ لا يصلح جواباً لمن يدّعي في المقام إثبات الاشتغال ولزوم الإتيان بالزائد باستصحاب التكليف؛ لأنّ العلم الإجمالي لم ينجّز حسب الفرض إلّا الأقلّ الذي قد أتى به.

 

الأقلّ والأكثر في المحرّمات

التنبيه الثاني: نحن تكلّمنا حتّى الآن في الأقلّ والأكثر في الواجبات، وقد يُفرض دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر الارتباطيين في المحرّمات، كما لو علم إجمالاً بأنّه إمـّا يحرم تصوير رأس الحيوان أو يحرم تصوير الحيوان بصورة كاملة.

وقد أفاد المحقّق النائيني (قدس سره): أنّ دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر الارتباطيين في المحرّمات حاله حال دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر الارتباطيين في الواجبات بلا تفاوت، وتجري فيه البراءة كما جرت في الواجبات، إلّا أنّ حال الأقلّ هنا هو حال الأكثر هناك، وحال الأكثر هنا هو حال الأقلّ هناك، ففي فرض الوجوب كان يجب الإتيان بالأقلّ وهو الصلاة بلا سورة، وكانت البراءة تجري عن الزائد وهي السورة مثلاً، وفي فرض الحرمة يحرم الإتيان بالأكثر وهو التصوير التامّ مثلاً، وتجري البراءة عن حرمة الأقلّ وهو تصوير الرأس فقط(2).

وذكر المحقّق العراقي (رحمه الله): أنّ جريان البراءة هنا أولى من جريانها فيما إذا كانت الشبهة وجوبيّة؛ لأنّ أحد وجوه المنع عن جريان البراءة في جانب الوجوب لو تمّ هناك لا يكون له مجال هنا، وذاك هو الوجه الذي ذكره صاحب الفصول من أنّ وجوب الأقلّ إمـّا ضمناً أو استقلالاً معلوم تفصيلاً فهو منجّز حتماً، والاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني، وذلك لا يكون إلّا بإتيان الأكثر؛ إذ بإتيان الأقلّ لا يحصل القطع بالفراغ عن وجوب الأقلّ لاحتمال كونه وجوباً ضمنيّاً، وهذا الوجه لا يأتي هنا؛ لأنّ المتيقّن حرمته إنّما هو الأكثر وهو يقطع بتحقّق ترك الأكثر بترك شيء ممّا عدا تصوير الرأس مثلاً، فلو صوّر الرأس لم يشكّ في الفراغ عمّا هو متيقّن


(1) راجع فوائد الاُصول: ج 4، ص 43، وأجود التقريرات: ج 2، ص 282.

(2) راجع فوائد الاُصول: ج 4، ص 49، وأجود التقريرات: ج 2، ص 285.