المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

367

وجوب التسعة بحدّها التقييدي، ولا يعارضه استصحاب عدم الوجوب بالحدّ الإطلاقي؛ لأنّ هذا الاستصحاب غير جار؛ إذ لا يؤثّر تنجيزاً في المقام ولا تعذيراً، أمـّا عدم تأثيره للتنجيز فلأنّ استصحاب عدم المطلق لا يثبت المقيّد، وأمـّا عدم تأثيره للتعذير فلأنّ من يترك المطلق لا معنى لتعذيره من عقاب واحد ولا من عقاب ثان ؛ لأنّ العقاب الواحد مقطوع الاستحقاق للزوم المخالفة القطعيّة ولا عقاب ثان في المقام كي يمكن التعذير عنه.

وأمـّا عدم إمكان إثبات لزوم الاحتياط بالاستصحاب؛ فلأنّ غاية ما يفيد استصحاب بقاء الجامع بين وجوب التسعة بالحدّ الإطلاقي ووجوبها بالحدّ التقييدي هو التعبّد بهذا الجامع، والتعبّد به لا يزيد على العلم الوجداني به، وقد فرغنا عن أنّ العلم الوجداني به لا ينجّز القيد ولا يوجب الإتيان بالزائد لانحلاله، وإنّما ينجّز ذات الأقلّ، فثبوته تعبّداً بعد الإتيان بالأقلّ ما ذا ينجّز؟! هل ينجّز ذات الأقلّ، أو ينجّز القيد؟! لا معنى لتنجيز ذات الأقلّ؛ لأنّ المفروض الإتيان به، ولا معنى لتنجيز القيد؛ لأنّه ليس بأحسن حالاً من العلم الوجداني الذي لم ينجّزه.

هذا بعد فرض المشي على مبناهم من تصوير مجرىً لاستصحاب بقاء الجامع بين الوجوبين في نفسه، وأمـّا على ما عرفته من أنّ الحكم لا ترتفع فعليّته بالامتثال، وإنّما ترتفع فاعليّته به فلا معنى لاستصحاب فعليّته، بل نحن نقطع بفعليّته ومع ذلك لا ينجّز هذا القطع المقدار الزائد؛ إذ حاله في ذلك بعد امتثال الأقلّ هو حاله قبل امتثاله.

هذا. والمحقّق النائيني (قدس سره) أبطل في المقام الاستصحاب بعدم جريانه مطلقاً في باب الشكّ في بقاء اشتغال الذمّة بعد الإتيان بأحد طرفي العلم الإجمالي(1).

إلّا أنّ الوجه الذي اختاره في ذاك الباب لا يمكن تطبيقه على المقام، فقياسه للمقام بذلك الباب قياس مع الفارق، فإنّه ذكر هناك: أنّ استصحاب جامع التكليف بالصلاة المعلوم إجمالاً مثلاً بعد الإتيان بالجمعة غير جار ؛ لأنّه لو اُريد به إثبات وجوب الظهر فهو تعويل على الأصل المثبت، ولو اُريد به إثبات الاشتغال ولزوم الإتيان بالظهر فهذا ثابت بنفس العلم الإجمالي بالتكليف والشكّ في الامتثال، ولا


(1) راجع فوائد الاُصول: ج 4، ص 296، وأجود التقريرات: ج 2، ص 59.