المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

365

وهذا الكلام لا ينسجم حتّى على مباني السيد الاُستاذ، فإنّه لو كان بقاء الكلّي مسبّباً عن حدوث الفرد الطويل، فليس هو مسبّباً شرعيّاً عنه، بل هو مسبّب عقلي، فلا مورد للحكومة المذكورة في المقام(1).

التعبير الثاني: أنّنا نثبت بالتركيب بين الوجدان والأصل أنّ الجامع الموجود إنّما هو موجود ضمن الفرد القصير؛ وذلك للعلم وجداناً بأصل الوجوب ونفي التقييد بالأصل.

وهذا الكلام لا ينسجم حتّى مع طرز تفكيره هو؛ إذ مضى فيما سبق(2) أنّ المحقّق النائيني (قدس سره) كان يثبت الإطلاق بنفي التقييد بالأصل، والسيّد الاُستاذ كان يورد عليه بأنّ الإطلاق أمر وجودي في قبال التقييد، فلا يثبت بالأصل النافي للتقييد، فكيف صار هنا يُثبت الإطلاق بنفي التقييد بالأصل؟!

ثمّ لو سلّم ثبوت الإطلاق بنفي التقييد فإنّما يثبت وجود الفرد القصير ولا يثبت أنّ الجامع الموجود يكون في ضمن القصير فإنّ هذا لازم عقليّ لذلك.

هذا. ونظّر السيّد الاُستاذ(3) ما نحن فيه بما إذا كان الشخص محدثاً بالحدث الأصغر ثمّ صدر منه حدث مردّد بين الأصغر والأكبر، فهنا لا يشكّ فقيه في أنـّه ليس عليه إلّا الوضوء، ولا يتمسّك بعد الوضوء باستصحاب الكلّي مع أنـّه كان يعلم إجمالاً بالفرد الطويل أو القصير، وما نحن فيه من هذا القبيل.

والتحقيق: أنّ خصوص هذا المثال توجد فيه نكتة توجب جواز الاكتفاء بالوضوء: وهي أنّ لسان الدليل الشرعي كقوله تعالى ﴿إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم ...﴾(4) ـ المفسّر بالقيام من النوم ـ، قد رتّب الحكم بالطهارة وارتفاع الحدث على توضّوء المحدث بالحدث الأصغر. والنوم المستبطن في قوله: (إذا قمتم) إنّما هو من باب المثاليّة وكلّ من أصبح محدثاً بالحدث الأصغر يبقى محكوماً


(1) جاء في المصباح في مقام بيان هذا الوجه: أنّ استصحاب عدم الفرد الطويل إمـّا حاكم على استصحاب الكلّي أو معارض له، فالاستصحاب الكلّي ساقط على كل حال إمـّا للمعارضة أو لكونه محكوماً.

(2) ص 340 من هذا الكتاب.

(3) راجع الدراسات: ج 3، ص 280، والمصباح: ج 2، ص 444.

(4) سورة 5، المائدة، الآية 6.