المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

334

في برهانه وبيانه، ولم يذكره مستقلاّ، ونحن نفرزه هنا، وهو أنّ الواجب الارتباطي يستحيل أن يتبعّض في التنجّز بأن يتنجّز بعض أجزائه، ولا يتنجّز البعض الآخر، بل هنا تنجّز واحد للمجموع، فإمّا أن يتنجّز الكلّ أو لا يتنجّز شيء منه.

والثاني: أنّ الانحلال في المقام تارة يفرض حقيقيّاً بلحاظ مجموع ما في عالم الواقع حتّى الحكم، فيقال: إنّه لا علم إجمالي في المقام، كما هو الحال في الأقلّ والأكثر الاستقلاليّين؛ إذ نعلم لا محالة فيهما بوجوب الأقلّ بحدّه، ونشك في وجوب الزائد، ولا ينبغي الإشكال في انتفاء هذا الانحلال في الأقلّ والأكثر الارتباطيين؛ إذ من الواضح أنّنا لا نعلم تفصيلاً بوجوب الأقلّ بحدّه، كي ينحلّ العلم الإجمالي بوجوب الأقلّ بحدّه، أو وجوب الأكثر بحدّه، ولعلّه لم يستشكل أحد في نفي هذا الانحلال، وليس هذا الانحلال هو المنظور إليه في كلام المحقّق الخراساني (رحمه الله).

واُخرى يفرض حقيقيّاً بلحاظ خصوص عالم الإيجاب والعهدة بغضّ النظر عن الحدود، باعتبار أنّ حدود الوجوب ليست داخلة في العهدة، وإنّما الذي يدخل في العهدة هو ذات الوجوب.

وثالثة يفرض حكميّاً بلحاظ عالم التنجّز، ويقال: قد علمنا بصلاحية الأمر الموجود في المقام لتنجيز الأقلّ على كلّ تقدير، وأمـّا الزائد فلا نعلم بصلاحية الأمر لتنجيزه على كلّ تقدير؛ لاحتمال تعلّقه بالأقلّ، فلم يعلم وجود أمر يقتضى تنجيزه، فهو باق تحت قاعدة (قبح العقاب بلا بيان).

وهذا الانحلال الأخير سنحتاج إليه حتماً فيما بعد في غير فرض كون الدوران بين الأقلّ والأكثر بلحاظ الأجزاء، وعندئذ نتكلّم عنه ـ إن شاء اللّه ـ بجميع صيغه، ونختار منها صيغته الفنّيّة، والآن لا نحتاج إلى تصوير هذا الانحلال بأكثر ممّا ذكرناه استطراقاً إلى فهم كلام صاحب الكفاية.

وأكبر الظن أنّ المحقّق الخراساني(قدس سره) إنّما يكون ناظراً إلى مناقشة هذا الوجه الثالث من الانحلال دون الوجه الثاني، فكأنّه يأخذ حدود الوجوب بعين الاعتبار، فيفرغ عن بطلان الانحلال الحقيقي، ويتكلّم عن الانحلال الحكمي بالمعنى الذي عرفت.

وحاصل مرامه (رحمه الله) في المقام: هو أنّ الانحلال يتوقّف على تنجّز الأقلّ على كلّ تقدير، وأحد تقديريه هو تعلّق الأمر بالأكثر، فلا بُدّ من الفراغ عن تنجّز الأمر بلحاظ الأقلّ ولو كان متعلّقاً بالأكثر، وهذا يساوق تنجّز الأمر بالأكثر بلحاظ الزائد