المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

331

والمنجَّز لا يتنجّزُ مرّة ثانية، فالعلم الإجمالي الأخير الحاصل في الركوع لا ينجّز شيئاً؛ إذ يجب أن يكون تنجيز طرفي العلم الإجمالي في عرض واحد.

ويرد عليه: أنـّه (قدس سره) لا يقول بكبرى الانحلال الحكمي بتنجّز أحد طرفي العلم الإجمالي بعلم إجمالي آخر سابقاً زماناً، وإنّما يقول بذلك لدى تعلّق منجّز تفصيلي بأحد طرفي العلم الإجمالي، أمـّا إذا كان المنجّز الأوّل ـ أيضاً ـ علماً إجماليّاً يشترك مع العلم الإجمالي المتأخّر في أحد الطرفين فهو يقول: إنّ العلم السابق بوجوده البقائي، والعلم الحادث بوجوده الحدوثي يؤثّران في عرض واحد، وفيما نحن فيه وإن علم تفصيلاً قبل الركوع بوجوب الركوع من هذه الصلاة عليه وما بعده، إمـّا استقلالاً أو ضمن وجوب السورة وما بعدها، لكنّه بعد أن ركع قد سقط عنه الوجوب الضمني ـ ولو بمعنى سقوط فاعليّته ـ بالمخالفة بترك السورة، فلم يبقَ منجّز للركوع وما بعده إلّا طرفيّته للعلم الإجمالي بالوجوب الضمني أو الاستقلالي، وهذه حالها حال طرفيّته للعلم الإجمالي الجديد الحاصل بعد الركوع، فالعلم الأوّل بوجوده البقائي، والعلم الثاني بوجوده الحدوثي يؤثّران في عرض واحد حسب مبانيه هو (قدس سره).

نعم، نحن حيث لا نقول بعلّيّة العلم الإجمالي لوجوب الموافقة القطعيّة، كما يقول هو (رحمه الله) بذلك، يكفينا في حَلّ الإشكال ما ذكره من الجواب بتنجّز أحد طرفي العلم الإجمالي؛ لأنّه عندئذ يبقى الأصل في الطرف الآخر سليماً عن المعارض(1).

 


(1) وقد ورد في الجزء الثاني من الحلقة الثالثة، ص 177 ـ 178 جواب آخر عن الإشكال، وهو مبتن على مبنى فقهي كان يبني عليه اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): وهو أنّ دليل حرمة قطع الصلاة لا إطلاق له للصلاة التي لا يجوز للمكلّف بحسب وظيفته العمليّة الاقتصار عليها في مقام الامتثال، أي: متى ما وجب عليه الاحتياط بالإعادة جاز له قطع ما بيده من الصلاة، إذن ففيما نحن فيه تكون البراءة عن وجوب السورة هي الموجبة لاحتمال حرمة القطع؛ إذ لولاها لم يجز للمكلّف بحسب الوظيفة العمليّة الاقتصار على هذه الصلاة التي ترك السورة فيها، وبالتالي كان يجوز له قطعها، وعليه فظرفيّة حرمة القطع للعلم الإجمالي موقوفة على جريان البراءة عن السورة، فلا معنى لافتراض البراءة عن حرمة القطع معارضة للبراءة عن السورة بسبب العلم الإجمالي.