المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

326

المشكوك من الغرض، ولكنّ المفروض أنـّنا لا نعلم بذلك، بل نحتمل كونه كذلك، ونحتمل أيضاً كونه غرضاً واحداً بسيطاً دار أمره بين الترتّب على الأجزاء التسعة مثلاً، أو الأجزاء العشرة المتعلّقة للتكليف، فلم يثبت الانحلال ودوران الغرض بين الأقلّ وحده، وهو مع الزائد عليه كي تجري البراءة بلحاظ الزائد.

والجواب: أنـّه إذا دار الأمر مثلاً بين الغرض البسيط الوحداني الموقوف على الأكثر، والغرض المركّب الذي يحرز حصول المقدار المعلوم منه بالإتيان بالأقلّ، جرت البراءة بلحاظ ذلك الغرض البسيط، ولا تعارض بالبراءة بلحاظ الغرض المركّب المستدعي للإتيان بالأقلّ؛ لأنّ إجراء البراءة عن ذاك المقدار من الغرض المركّب لا معنى له؛ إذ ليست فيه مؤونة زائدة غير المؤونة المعلومة بالتفصيل، بخلاف الغرض البسيط الموقوف على الأكثر.

فإن قلتَ: على هذا لا أثر لفرض احتمال كون الغرض مركّباً ومردّداً بين الأقلّ والأكثر؛ إذ حتّى مع فرض وحدة الغرض وبساطته نقول: إنّنا علمنا إجمالاً بثبوت غرض وحداني إمّا في الأكثر أو في الأقلّ فتجري البراءة بلحاظ الغرض في الأكثر، ولا تعارَض بالبراءة بلحاظ الغرض في الأقلّ؛ لأنّ الأوّل هو المشتمل على المؤونة الزائدة دون الثاني الذي ليست فيه مؤونة عدا المؤونة المعلومة بالتفصيل، وهي ضرورة الإتيان بالأقل.

قلت: إنّ تردّد الأمر بين غرض بسيط وغرض مركّب هو تردّد بين سنخين من الغرض، فإنّ تركّبه أو بساطته داخل في ذات الغرض، فيعقل إجراء ا لبراءة عن أحد الغرضين، وهو الغرض المستدعي لمؤونة زائدة على المكلّف إضافة إلى المؤونة المتيقّنة، وأمـّا تردّد الأمر بين توقّف الغرض الوحداني على الإتيان بالأكثر، وتوقّفه على الإتيان بالأقل فليس هذا تردّداً بين سنخين من الغرض، فإنّ كون محصِّله عبارة عن الأكثر أو الأقلّ ليس داخلاً في ذات الغرض، فجهة الشكّ متمحّضة في المحصّل، أي: أنـّنا نشير إلى ذاك الغرض الوحداني ونقول: لا ندري هل يكفي الأقلّ في تحصيله أو لا؟ فعندئذ لا مجرى للبراءة بقطع النظر عمّا سوف يأتي ـ إن شاء اللّه ـ من الوجه الثاني.

نعم، لو كان هنا شيئان نعلم أنّ أحدهما متوقّف على الأكثر، والآخر متوقّف على الأقلّ، ولم ندرِ أنّ غرض المولى هل هو الأوّل أو الثاني؟ جرت البراءة عن الأوّل، ولكن الأمر ليس كذلك، فأيّ غرض يفترض في المقام يكون مردّداً عندنا بين