المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

322

في مقام الجواب عن شبهة الغرض: أنّ الغرض إنّما يجب تحصيله إذا كانت نسبته إلى المقدّمة التي هي فعل المكلّف نسبة المعلول إلى العلّة، كالإحراق بالنسبة إلى الإلقاء في النار، فعندئذ يجب تحصيل الغرض، بل الذي يفهمه العرف من الأمر بمثل هذه المقدّمة إنّما هو الأمر بتحصيل الغرض، فلو قال المولى: ألق ِ هذا الشيء في النار فهم منه الأمر بإحراقه، وأمـّا إذا كان الغرض متوقّفاً حصوله على مقدّمات خارجة عن قدرة المكلّف زائداً على توقّفه على الفعل الداخل تحت قدرة المكلّف، وكانت نسبة الغرض إلى فعل المكلّف نسبة ذي المقدّمة إلى المقدّمات الإعدادية، كما هو الحال في المصالح المترتّبة على الواجبات الشرعيّة مثل الصلاة، فلا يجب على العبد تحصيله؛ لأنّ تحصيله خارج عن قدرته، وإنّما الذي يجب تحصيله في مثل ذلك إنّما هو خصوص تلك المقدّمات الداخلة تحت قدرة العبد، والدليل على كون الغرض في أمثال هذه الاُمور من قبيل القسم الثاني ـ أي: الخارج عن قدرة العبد ـ لا القسم الأوّل، هو تعلّق الأمر في لسان الأدلة بنفس الأفعال؛ فإنّه في المورد الذي يشكّ في أنّ الغرض هل هو من قبيل القسم الأوّل أو الثاني، سيتكشف الحال فيه من ظاهر لسان الدليل، فإن كان الأمر في لسان الدليل متعلّقاً بنفس الغرض فهذا ظاهر في كونه من القسم الأوّل، وعدم توقّفه على أُمور اُخرى خارجة عن قدرة المكلّف، وإن كان متعلّقاً بنفس الأفعال فهذا ظاهره أنّ الغرض ليس بنفسه تحت قدرة المكلّف(1)، وإنّما الذي يكون تحت قدرته ويجب عليه تحصيله هو هذه الأفعال والمقدّمات.

هذا ما أفاده المحقّق النائيني(رحمه الله) في المقام.


(1) وإلّا لزم الأمر بالنتيجة أو تقييد الأمر بالمقدّمة بالذي تترتب عليه النتيجة؛ إذ لو لم يفعل ذلك لزم نقض غرض المولى؛ لأنّه بعد إن لم يكن هناك ظهور عرفي في إرادة المسبّب، كما في مثل الأمر بالإلقاء في النار الظاهر في إرادة الإحراق يكون إطلاق الكلام موجباً لعدم اهتمام العبد بتحصيل المسبّب، واقتصاره على فعل المقدّمة، سواء ترتّبت عليها النتيجة أو لا، هذا ما يستفاد من كلمات المحقّق النائيني (رحمه الله)، ولكن الواقع أنّ تعلّق الأمر بالمقدّمة دون النتيجة إنّما يكون ظاهراً في عدم إيجاب حصول النتيجة، سواء كان ذلك من باب خروجها عن قدرة المكلّف أو من باب ما سيأتي من اُستاذنا الشهيد في الفرضيّة الثانية من عدم اهتمام المولى بالنتيجة بأكثر من سدّ باب العدم من ناحية تلك المقدّمة.