المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

315

المعروض أمراً واحداً لا متكثّراً، وإن فرض أنّ ذلك العارض لم يعرض بتمامه على كلّ واحد من هذه الاُمور مستقلاًّ، بل انبسط على تمام هذه الاُمور، وعرض على الكلّ المتكثّر بما هو متكثّر، فلا محالة يأخذ ـ عندئذ ـ كلّ أمر من هذه الاُمور المتشتّتة والمستقلّة قطعة خاصّة به من ذاك العارض بالاستقلال، ويصبح العارض في المقام عدّة وجودات عرضيّة مستقلّة ومتشتّتة.

التصوير الثالث: أنّ معروض الوجوب الارتباطي بالذات عنوان وحدانيّ ذهنيّ. وتوضيح ذلك: أنـّه قد مضى منّا في بعض الأبحاث السابقة: أنّ العناوين على قسمين؛ فبعضها تستورده النفس من الخارج، كعنوان الإنسان الذي تستورده النفس من الخارج عن طريق أخذ الصورة الذهنيّة من الأفراد، وتقشيرها للخصوصيّات الفرديّة والمائزة بين الأشخاص، وبعضها تصنعه النفس في معملها الخاصّ وتخيّطه وتلبسه الخارج، كعنوان (أحدهما) المنصبّ عليه العلم الإجمالي. ومن هذا القبيل عنوان (المجموع) و (الكلّ)، وعليه نقول: إذا وجد لأحد غرض واحد لا يتحقّق إلّا بمجموع اُمور بحيث لو ترك أيّ فرد من تلك الاُمور لا ينفعه الباقي في غرضه أصلاً، فلا محالة ينقدح في نفسه حبّ واحد وشوق واحد، وبما أنّ هذا الحبّ والشوق الواحد يجب أن يعرض في ظرف عروضه ـ وهو الذهن ـ على شيء واحد ـ كما مضى ـ، فلا محالة تضطرّ النفس إلى اصطناع عنوان المجموع، وإلباسه على ما في الخارج، ليعرض الحبّ عليه. نعم، ما في الخارج متكثّر، لكنّه في غير ظرف العروض فلا بأس بتكثّره.

إذا عرفت ذلك فلنرجع إلى أصل المطلب؛ لنرى أنـّه هل ينجح الاتّجاه الثاني لإبراز عنصر التباين بين الأقلّ والأكثر الارتباطيين بدعوى أنّ الأقلّ المعروض عليه الوجوب الضمني غير الأقلّ المعروض عليه الوجوب الاستقلالي، أو لا؟

فنقول: أمـّا على النظريّة الثانية القائلة بعروض الوجوب الواحد على الكثير بما هو كثير، فعدم نجاح هذا الاتجاه واضح؛ إذ الأقلّ بنفسه موجود في ضمن الأكثر، وإنّما الشكّ في أنّ الوجوب هل عرض على الأقلّ فقط، أو عرض على الزائد أيضاً، بأن كان ذاك الأقلّ مع هذا الزائد بما هما متكثّران معروضاً للوجوب؟.

وأمـّا على النظريّة الاُولى ـ وهي النظريّة القائلة بتقييد كلّ جزء بسائر الأجزاء ـ فقد يتوهّم نجاح هذا الاتجاه؛ إذ الأمر دائر بين وجوب الأقلّ المقيّد بالزائد، ووجوب مطلق الأقلّ، وكذلك الحال على النظريّة الثالثة ـ القائلة بعروض الوجوب