المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

310

وإن كان المقصود الثاني، فلا إشكال في أنّ وجوب الأقلّ المحدود بحدِّ وقوفه على المقدار الأقلّ، والوجوب الممتدّ إلى الجزء الزائد متباينان بما لهما من الحدّين المتبيانين، وقد تعلّق بذلك العلم الإجمالي، إلّا أنّ هذا التباين إنّما هو بلحاظ الحدّ، وحدّ وجوب الأقلّ الذي يعني الوقوف على الجزء التاسع وعدم تعدّيه إلى الجزء العاشر لا يدخل في العهدة، وليس له امتثال، وإنّما الذي يدخل فيها ويتطلّب الامتثال هو ذات الوجوب، وحينما نلحظ ذات الوجوب بقطع النظر عن حدّه لا نرى وجوبين متباينين، بل نعلم بعروض الوجوب على الأقلّ، ونشكّ في انبساطه على الزائد، وإنّما التردّد بين المتباينين في النفس يكون في مرتبة الحدّ غير الواجب امتثاله.

وممّا ذكرنا ظهر وجه الخلل ـ فيما مضى من التصوير البدائي لإرجاع الأمر إلى المتباينين ـ من أنّ الوجوب الارتباطي وجوب واحد، والوحدة تساوق التباين، فإنّه إن لاحظنا الحدّ في المقام صحَّ ذلك، إلّا أنّ الحدّ غير واجب الامتثال، وإنّما الذي يجب امتثاله ذات المحدود، وفي مرتبة ذات المحدود ملغيّاً عنه الحدّ لا يُرى وجوبان حتى يقال: إنّ الوحدة تساوق التباين، بل يُرى أنّ الوجوب عرض على الأقلّ، ويشكّ في امتداده على الزائد وعدمه.

وأمـّا الاتجاه الثاني: فحاصله أنّنا وإن علمنا تفصيلاً بوجوب الأقلّ استقلالاً أو ضمناً، لكنّ الأقلّ المعروض للوجوب استقلالاً غير الأقلّ المعروض للوجوب ضمناً.

ولتكن الآن صياغة بيان ذلك: هي أنّ المعروض للوجوب الاستقلالي هو الأقلّ بإطلاقه وبلا قيد، والمعروض للوجوب الضمني هو حصّة خاصّة من الأقلّ، وهي الحصّة المقيّدة بالاقتران بالزائد على ما هو شأن أجزاء الواجب الارتباطي، والمطلق مع المقيّد متباينان.

وتوضيح حال هذا الاتجاه يتطلّب منّا الحديث عن أصل حقيقة الواجب الارتباطي فنقول:

 

تصوير حقيقة الواجب الارتباطي

إنّ في حقيقة الواجب الارتباطي تصويرات ثلاثة:

التصوير الأوّل: ما يناسب صياغة البيان المذكور آنفاً في إبراز عنصر التباين من