المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

248

أوّلاً(1): أنّ هذا مبنيّ على القول بجعل الحكم المماثل، حيث يقال بناء عليه: إنّ المقطوع به هو الجامع بين وجوب الظهر ووجوب الجمعة، وباستصحاب هذا الجامع يجب أنْ يثبت حكم ظاهري مماثل، وهذا الحكم الظاهري لا يكون متعلّقاً بالجامع بين الظهر والجمعة، لأنّ وجوب الجامع بين الظهر والجمعة ليس جامعاً بين وجوب الظهر ووجوب الجمعة، وليس فرداً لهذا الجامع حتى يقال: إنّ الجامع موجود في ضمنه، فلا يكون مماثلاً للمقطوع به، فيجب أنْ يكون متعلّقاً بالظهر بالخصوص، أو بالجمعة بالخصوص، ولا يعقل أنْ يوجد الجامع بين الحكم الظاهري بالظهر والحكم الظاهري بالجمعة، لا في ضمن أحدهما؛ إذ الجامع يستحيل أنْ يوجد مستقلاّ عن الأفراد، فتعيّن أنْ يوجد الجامع في ضمن أحد الفردين، والمفروض القطع بعدم وجوب الجمعة لأنـّه أتى بها، فتعيّن وجوب الظهر.

وهذا البيان: كما ترى ـ لا يتأتّى بناءً على ما هو المختار من أنّ الاستصحاب مهما كان لسان دليله، من جعل الحكم المماثل، أو جعل العلم واليقين، أو غير ذلك، فروحه عبارة عن الاهتمام بالواقع على تقدير وجوده، فإنـّه من المعلوم أنـّه يعقل أنْ يكون الاهتمام بالواقع بمقدار الجامع(2) لا أكثر، وهذا لا يستلزم وجوب صلاة الظهر، كما لا يخفى.

وثانياً: أنّ هذا الكلام لا يتمُّ حتّى بناءً على جعل الحكم المماثل، وذلك لأنـّه


(1) وقد تفطّن المحقّق العراقي (رحمه الله) لهذا الإشكال وذكره في نهاية الأفكار، ولكن وفق لغته ومتبنّياته الاُصولية، لا وفق لغة اُستاذنا الشهيد ومتبنّياته، فذكر: أنّ إجراء هذا الاستصحاب مبنيّ على كون مفاد الاستصحاب جعل المماثل، أمّا بناء على ما هو المختار ـ يعني مختاره ـ من كون نتيجة الاستصحاب عبارة عن مُجرّد الأمر بالتعامل مع المشكوك معاملة المتيقّن في لزوم الجري العملي على وفقه، من دون جعل مماثل، فمفاد الاستصحاب في المقام إنـّما هو لزوم الجري العملي وفق الجامع المعلوم، لا وفق خصوص الفرد الذي لم يأت به، فإثبات خصوص ذاك الفرد به تَمسّك بالأصل المثبت، ولا يبقى إلّا إثبات لزوم العمل بالجامع المعلوم، وهذا لغو، فيسقط الاستصحاب. وذكر في توضيح لغويّته: أنّ الفرد غير المأتي به تكون مصداقيّته للجامع مشكوكة، وهذا جريٌ منه على مبناه في معنى الجامع المعلوم بالإجمال، حيث لا يفسّر الجامع بالمعنى المنطبق على كلّ من الفردين، بل يفسّره بمعنى صورة منطبقة على الواقع فحسب، مع وجود إجمال وغبش في تلك الصورة.

(2) وبما أنّ هذا الجامع جامع بين ما يقبل التنجيز وما لا يقبل التنجيز، فيلغو استصحابه.