المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

243

القدرة على الغسل، فإذا وقع ذلك طرفاً للعلم الإجمالي، كما لو علم إجمالاً: إمـّا بوجوب الدعاء لرؤية الهلال، أو وجوب الغسل عليه، إلّا أنـّه يحتمل سقوط الخطاب بالغسل؛ لعدم القدرة مع فرض عدم دخل القدرة في الملاك، كان عليه الاحتياط بالدعاء والتصدّي للغسل، ولكنّ ما نحن فيه ليس من قبيل الشكّ في القدرة على الامتثال، وإنـّما هو من قبيل الشكّ في القدرة على العصيان، فإنّ موافقة التكليف بترك الشرب تحصل حتى مع فرض الخروج عن محلّ الابتلاء، وإنـّما الكلام في أنـّه هل يقدر على الشرب الذي هو مخالفة للتكليف أو لا؟ واحتمال القدرة على العصيان لا معنى لكونه منجِّزاً، كما كان احتمال القدرة على الامتثال منجّزاً، بمعنى لزوم التصدّي للامتثال ما لم ينكشف له عدم القدرة عليه، فهل يقال هنا مثلاً: إنـّه يلزم التصدّي للعصيان ما لم ينكشف له عدم القدرة عليه، أو يترتّب محذور المخالفة لو بنى على أنـّه غير قادر على العصيان، كما كان يترتّب ذلك لدى الشكّ في القدرة على الامتثال لو بنى على عدم القدرة على الامتثال.

نعم، لو كان الشكّ في القدرة على العصيان، بنحو يحتمل أنْ يلزم من تصدّيه لبعض مقدّمات العصيان والاتيان بها زوال قدرته على الامتثال، فاحتمال عدم قدرته على الامتثال على فرض الاتيان بتلك المقدّمة ينجّز عليه ترك تلك المقدّمة، كما لو شكّ في القدرة على قتل مؤمن، من باب الشكّ في أنـّه لو أطلق هذا الرصاص فهل يصيبه أو لا؟ فلا يجوز له الإطلاق؛ لاحتمال كون ذلك مفوّتاً للقدرة على الامتثال.

وقد تَحَصَّل من تمام ما ذكرناه: أنـّه بناءً على مبنى الأصحاب من كون الوجه في سقوط العلم الإجمالي عن التنجيز بخروج بعض الأطراف هو عدم تعلّق التكليف به، يتّجه القول بعدم التنجيز عند احتمال خروجه عن محلّ الابتلاء، وبناءً على مبنانا: من كون الوجه في ذلك انصراف دليل الأصل عن ذاك الطرف بالارتكاز، يتّجه التفصيل في المقام بالنحو الذي مَضَى.

 

الخروج عن الابتلاء شرعاً:

الأمر الثالث: أنّ المحقّق النائيني (رحمه الله) ألحقَ بخروج بعض الأطراف عن محلّ الابتلاء عادة خروجه عن محلّ الابتلاء شرعاً، ومثّل لذلك بما لو علم إجمالاً بنجاسة أحد الإناءين، مع العلم تفصيلاً بغصبيّة أحدهما، فالمغصوب خارج عن محلّ