المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

242

تقدير، وموضوع لحكم العقل بالتنجيز على تقدير آخر، فيكون العلم علماً بما يقبل التنجيز على كلّ تقدير، فينجّز. والوجه في ذلك هو أنّ التكليف على تقدير كونه في الطرف الداخل حتماً في محلّ الابتلاء فهو فعليّ، وعلى تقدير كونه في الطرف المشكوك دخوله في محلّ الابتلاء فهو مشكوك الفعلية، لكنّ الشكّ في فعليّته نشأ من الشكّ في القدرة، بناءً على تفسير المحقق العراقي (رحمه الله) للخروج عن محلّ الابتلاء بعدم القدرة العرفية، واحتمال القدرة منجِّز.

هذا ما ذهب إليه المحقّق العراقي (رحمه الله)، ومن هنا لم يفصّل بين كون الشبهة مفهومية أو مصداقية، وقال بالتنجيز مطلقاً، لعدم اختصاص هذا التقريب بالشبهة الحكمية.

وبهذا البيان الذي ذكرناه ظهر عدم صحّة النقض الذي أورده الشيخ الكاظمي(رحمه الله) ، حيث يقول في حاشية تقريره(1): إنّ شيخنا الاُستاذ كان يبني على التنجيز؛ لكون الشكّ شكّاً فى القدرة، لكنّنا أوردنا عليه: بأنـّه لو تمّ ذلك للزم التنجيز حتى فى فرض القطع في بعض الأطراف بالخروج عن محلّ الابتلاء؛ إذ الملاك معلوم إجمالاً، والشكّ يكون في القدرة، حيث لا ندري أنّ الملاك هل هو ثابت في هذا الطرف، حتى نقدر عليه، أو فى ذاك الطرف، حتى لا نقدر عليه؟ فنعلم بالملاك ونشكّ في القدرة.

أقول: إنّ هذا قياس مع الفارق؛ لأنـّه ـ كما أورد عليه المحقق العراقي(2) (رحمه الله)ـ خلط بين فرض الشكّ في القدرة على شيء فيه الملاك والشكّ في كون الملاك فيما يعلم بالقدرة عليه، أو فيما يعلم بعدم القدرة عليه، وليس واحد من الشيئين مشكوك القدرة عليه، والفرض المنجّز باحتمال القدرة هو الأوّل، كما فيما نحن فيه، لا الثاني، كما في فرض القطع في بعض الأطراف بالخروج عن محلّ الابتلاء.

ولكن مع هذا لا يتمُّ ما ذهب إليه المحقّق العراقي (رحمه الله) من منجزيّة العلم الإجمالي؛ لدخول ذلك في باب الشكّ في القدرة، فإنّ فيه خلطاً بين الشكّ في القدرة على الامتثال والشكّ في القدرة على العصيان، فإنّ الذي يوجب التنجّز إنـّما هو احتمال القدرة على الامتثال، كما لو شكّ في قدرته على الغسل وعدمها، ومعنى تنجيزه أنـّه يوجب لزوم التصدّي لتحصيل الغسل إلى أن يغتسل أو يتبيّن له عدم


(1) في ج 4، ص 19.

(2) راجع نهاية الأفكار: القسم الثاني من الجزء الثالث، ص 342.