المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

241

الحكم بنفسه تحصيل وتحريك، كما ذهب إليه المحقّق الأصفهاني(1)، لا أنـّه تصدٍّ للتحريك والتحصيل، فنقول عندئذ: إنّ الحكم في الخارج عن محلّ الابتلاء بنفسه تحصيل للحاصل ومحال، واعتقاد الخلاف لا يجعله ممكناً، فمع احتمال الخروج عن محلّ الابتلاء لا يمكن التمسّك بالعامّ في إثبات الحكم.

ولا يقال: إنـّه لو كشفنا بالإطلاق عن اعتقاد المولى فعلى أساس علمنا بأنّ مولانا سبحانه لا يخطأ، ولا يشتبه، نستكشف بذلك أنّ ذاك الطرف ليس خارجاً عن محلّ الابتلاء.

فإنـّه يقال: إنّ مقصودنا ممّا ذكرناه كان عبارة عن أنـّه حيث لا تكون ملازمة بين اعتقاد المولى ـ بما هو مولى ـ والواقع، ولا يمكن أنْ يكشف الكلام في المحاورات العرفية بين الموالي والعبيد عن أزيد من الاعتقاد، أي لا يمكن أنْ يكشف الكلام عن الحكم في الواقع، لا يستكشف العرف نفس الاعتقاد أيضاً.

هذا. وجميع هذه التقريبات الثلاثة ترجع إلى روح واحدة، وهي أنـّه مهما كان القيد بوجوده الاعتقادي للمولى دخيلاً في الحكم، أمكن التمسّك بالعامّ، ونسبة المولى ـ بما هو جاعل ـ إلى جهة الشكّ في الحكم ليست ـ عندئذ ـ كنسبة العبد إليها، ومهما كان القيد بوجوده الواقعي دخيلاً في الحكم لم يمكن التمسّك بالعامّ، وكانت نسبة المولى ـ بما هو جاعل ـ إلى جهة الشكّ كنسبة العبد إليها، وفي الشبهات المصداقية يكون الدخيل في الحكم وهو القيد بوجوده الواقعي وهو عدم الفسق مثلاً، ونسبة المولى والعبد فيها إلى جهة الشك على حدّ سواء، فلا يتمسّك فيها بالعامّ، وفي الشبهات المفهومية ـ كما لو تردّد معنى الفاسق بين خصوص مرتكب الكبيرة ومطلق العاصي ـ يكون الدخيل في الحكم بوجوب اكرام من هو مرتكب للصغيرة اعتقاد المولى بكون إكرامه ذا مصلحة، لا ثبوت المصلحة واقعاً، ونسبة المولى تختلف عن نسبة العبد إلى جهة الشكّ في الحكم، فيُتمسّك فيها بالعامّ، وكلّ شبهة مصداقية تشارك الشبهة المفهومية في النكتة التي عرفتها، يلحقها حكمها، وكذلك العكس.

المانع الثاني: ما ذكره المحقّق العراقي(2) (رحمه الله) في المقام، بيانه: أنّ العلم الإجمالي هنا وإن لم يكن علماً بالتكليف الفعلي على كلّ تقدير، لكنّه فعليّ على


(1) راجع نهاية الدراية: ج 2 ص، 42 ـ 43.

(2) راجع نهاية الأفكار: القسم الثاني من الجزء الثالث، ص 341 ـ 342.