المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

240

بهذا العنوان، فإنّه لم يرد مخصّص لفظي يدلّ على خروج الخارج عن محلّ الابتلاء عنه، وإنّما المخصّص هو العقل، وقد حكم بخروجه عن تحت العامّ من باب قبح التكليف بالخارج عن محلّ الابتلاء مثلاً، فالخارج عن تحت العامّ في الحقيقة هو عنوان ما يقبح التكليف به، لا عنوان الخارج عن محلّ الابتلاء بما هو، ومن المعلوم أنّ الشبهة المفهومية للخروج عن محلّ الابتلاء شبهة مصداقية لعنوان القبيح، فيكون التمسّك فيه تمسّكاً بالعامّ في الشبهة المصداقيّة.

التقريب الثاني: ما نترقّى فيه عن التقريب الأوّل، ونقول: إنـّه لا يجوز التمسّك بالعامّ هنا، ولو فرضت الشبهة مفهومية، وغضّ النظر عَمّا سبق؛ وذلك لما مضى في بحث العامّ والخاصّ من أنّ نكتة التفصيل بين الشبهة المفهومية والشبهة المصداقية بالتمسّك بالعامّ في الاُولى دون الثانية هي أنّ نسبة المولى ـ بما هو مولى ـ ونسبة العبد إلى الجهة الدخيلة في الحكم المشكوكة، على حدّ سواء في الشبهة المصداقية، فلا يجوز فيها التمسّك بالعامّ، وهذا بخلاف الشبهة المفهومية، فإنّ المولى أعرف بأنّه هل يكون عدم ارتكاب الصغيرة مثلاً دخيلاً في حكمه أو لا، فيرفع احتمال دخله بالإطلاق لدى خروج الفاسق بالتخصيص، وتردّده مفهوماً بين مرتكب الكبيرة ومطلق العاصي، ولكن لو شَكّ في أنّ زيداً هل هو مرتكب للكبيرة أو لا، فالمولى بما هو مولى ليس بأعرف منّا بالحال، وعلى هذا، فإنْ اتّفق في مورد في الشبهة المصداقية أنّ نسبة المولى بما هو جاعل للحكم، ونسبة العبد لم تكن على حدّ سواء، اُلحقَ ذلك بموارد الشبهة المفهومية، وإنْ اتّفق في مورد في الشبهة المفهومية أنّ النسبتين على حدّ سواء اُلحق ذلك بموارد الشبهة المصداقية.

وعليه نقول فيما نحن فيه: إنّ المولى بما هو جاعل ومشّرع حاله حال العبد في جهة الشكّ في الحكم عند الشك في الخروج عن محلّ الابتلاء، فإنّنا حتّى لو فرضنا أنّ الخارج عن تحت العامّ هو عنوان الخروج عن محلّ الابتلاء المشكوك هنا مفهوماً يكون حال المولى هو حال العبد في جهة الشكّ في الحكم، فقد يشكّ المولى كما يشكّ العبد، فلا مجال هنا للتمسّك بالعامّ.

التقريب الثالث: ما نترقّى فيه أكثر من ذي قبل، وهو أنّ غاية ما يمكن تحصيله بإطلاق الخطاب هي اعتقاد المولى، لكنّ اعتقاد المولى بما هو مولى للدخول في محلّ الابتلاء ليس هنا مساوقاً لإمكان جعل الحكم واقعاً، فلا يمكن التمسّك في إثبات الحكم بإطلاق دليل الحكم، وهذا مبنيّ على فرض كون المحذور في التكليف فيما هو خارج عن محلّ الابتلاء عبارة عن استحالة تحصيل الحاصل، مع فرض أنّ