المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

239

المصداق داخل في المرتبة الاُولى الضعيفة أو لا؟ فأورد عليه بأنّ هذا خلف فرض عدم جواز التمسّك بالعامّ، مع إجمال المخصّص المتّصل، ولا يفترق عن سائر موارد إجمال المخصّص المتّصل(1) .

إلّا أنّ مقصود المحقق النائيني (رحمه الله) ليس هو هذا، وإنّما مقصوده أنّ الخروج عن محلّ الابتلاء له مراتب، فبعض مراتبه يفترض خروجه عن العامّ بالمخصّص المتّصل؛ لكون عدم صحّة الحكم فيه واضحاً عند العقل، بحيث يُعَدُّ المخصّص متّصلاً، وتضعف مراتب الخروج عن محلّ الابتلاء إلى أنْ ينعدم وضوح عدم صحّة الحكم عند العقل، فلا يكون خارجاً بالمخصّص المتّصل قطعاً، فإنْ كان خارجاً فهو خارج بالمخصّص المنفصل، وحيثُ إنـّنا شككنا في خروجه نتمسّك فيه بالعامّ(2) .

والذي تَحَصَّل من البحث إلى هذا الحدّ هو أنّ ما نحن فيه حاله حال سائر موارد دوران الأمر في التخصيص بين الأقلّ والأكثر، مع عدم اتّصال الكلام بمخصّص تحتمل قرينيّته على خروج الأكثر، فلا بُدّ من أنْ تطبّق في المقام نفس القواعد المختارة هناك، ففصّل المحقّق العراقيّ بين فرض كون الشبهة مفهوميّة وكونها مصداقية؛ للخروج عن محلّ الابتلاء تطبيقاً لمبناه على محلّ الكلام، وكذلك السيّد الاُستاذ اختار نفس التفصيل(3) تطبيقاً لمبناه على ما نحن فيه، وقال المحقّق النائيني بجواز التمسّك بإطلاق دليل التكليف مطلقاً، تطبيقاً لمبناه ـ أيضاً ـ في المخصّص اللّبّي على المقام.

إلّا أنّ الصحيح مع هذا هو ما اختاره المحقّق الخراساني (رحمه الله) من عدم التمسّك بإطلاق دليل التكليف مطلقاً؛ وذلك لعدّة تقريبات ترجع بحسب الحقيقة إلى روح واحدة: ـ

التقريب الأوّل: أنّ الخارج عن تحت العامّ ليس هو الخارج عن محلّ الابتلاء


(1) راجع نهاية الأفكار: القسم الثاني من الجزء الثالث، ص 344.

(2) لا يخفى أنّ المخصّص اللبّي كالمتّصل لا يعقل تردّده مفهوماً بين الأقلّ والأكثر إلّا بهذا النحو، سواء كان الشكّ من ناحية الاختلاف في المراتب، أو من أيّ ناحية اُخرى، فإنّ الزائد المشكوك لا محالة لا يكون حكم العقل بالنسبة له ضرورياً كالمتّصل، وإلّا لما شكّ فيه، فإذا لم يكن حكم العقل بالنسبة له ضرورياً كالمتّصل، جاز التمسّك فيه بالعامّ. إذن فالتسليم بكون تردّد المخصّص اللبّي كالمتّصل بين الأقلّ والأكثر مفهوماً مانعاً عن التمسّك بالعامّ، ثم إخراج مثل ما نحن فيه عن هذه القاعدة تهافتٌ.

(3) راجع مصباح الاُصول: ج2، ص 398 ـ 399، والدراسات: ج 3، ص 256 ـ 257.