المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

238

نؤمن بالسببيّة في الحكم الظاهري، وأنّ المطلوب في المقام هو الترك في ذاته، لا نبتلي بإشكال تحصيل الحاصل أو غيره، على أساس أنّ ذاك الفرد لو كان واقعاً خارجاً عن محلّ الابتلاء، فالترك مضمون، وإنّما نتيجة الحكم الظاهري المفسّر ـ بأيّ تفسير فرض في المقام ـ هي الانتهاء إلى تنجيز الواقع على تقدير وجوده، وفائدة ذلك وإن كانت لا تظهر إلّا على تقدير دخول الفرد واقعاً في محلّ الابتلاء، لكن ليس هذا بدعاً في باب الأحكام الظاهريّة، فإنّ الأحكام الظاهرية بطبيعتها تختصّ فائدتها بفرض المصادفة للواقع، وأُطلقت من باب عدم إمكان التمييز بين المصادف وغير المصادف، ولو تَمّ التمييز لانتفى موضوع الحاجة إلى الحكم الظاهري.

وقد اتّضح بهذا العرض أنّ كلام المحقّق الخراساني (رحمه الله) ـ سواء اُخذ على بساطته وسذاجته أو وجّه بما ذكره المحقّق العراقي (قدس سره) في تفسيره ـ غيرُ تامّ في المقام.

التقريب الثاني ـ ما في تقرير المحقّق النائيني (رحمه الله) : من أنّ المخصّص في المقام يكون لبّيّاً كالمتّصل، وعند دوران المخصّص المتّصل بين الأقلّ والأكثر لا يجوز التمسّك بالعامّ(1) .

وأجاب المحقق النائيني عن ذلك(2): بأنّه لو سلّم كون المخصّص هنا كالمتّصل ـ مع أنـّه ليس كذلك(3) ـ قلنا: إنـّه رغم هذا يجوز التمسّك بالعامّ في المقام؛ إذ ليس الخارج من العامّ بهذا المخصّص المتّصل مفهوماً من المفاهيم، مع الشكّ في دخول أمر ما في مفهومه وعدمه، كما في (اكرم العلماء إلّا الفساق) لدى الشكّ في فسق مرتكب الصغيرة، بل يكون الخروج عن محلّ الابتلاء مفهوماً ذا مراتب قطع بخروج بعض مراتبه العالية من العامّ، ويتمسّك في الباقي بالعامّ.

وكأنـّه ضاع مراد المحقّق النائيني (رحمه الله) على تقدير بحث المحقّق العراقي (قدس سره)بتخيّل أنّ المقصود هو أنّ مفهوم الخارج عن محلّ الابتلاء أمر ذو مراتب، وقد خرج عن العامّ بجميع مراتبه، وشكّ في أنّ المرتبة الضعيفة من أين تبدأ؟ وأنّ هذا


(1) راجع فوائد الاُصول: ج 4، ص 19 ـ 20.

(2) راجع فوائد الاُصول: ج 4، ص 20. واجود التقريرات: ج 2، ص 252 ـ 254.

(3) لأنّ المخصّص في نظر المحقّق النائيني ليس ضرورياً مرتكزاً في الأذهان كالمتّصل. وأضاف في أجود التقريرات: أنّ المخصّص العقلي هنا يكون من سنخ استكشاف الملاك الذي يكون أمر تمييزه بيد المولى، لا من سنخ حكمه على العناوين، وفي مثل ذلك يجوز في رأي المحقّق النائيني (رحمه الله) التمسّك بالعامّ ولو فرض حكم العقل ضرورياً.