المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

237

هذا ما أفاده المحقّق العراقي(رحمه الله) تفسيراً لكلام المحقق الخراساني(قدس سره) .

ولو اُورد على هذا الكلام: بأنـّنا نحرز في المقام إمكان الحكم الظاهري بنفس دليل الحكم الظاهري؛ لأنـّه دليل قطعي، وهذا هو الحال في كلّ حكم ظاهري، فمع احتمال قبحه ثبوتاً، وكون المصلحة في عدم جعله تثبت صحّته ثبوتاً بنفس دليله، والمفروض في الأحكام الظاهرية أنـّه يجب انتهاؤها إلى دليل قطعي، وبه ينتهي الإشكال.

أجبنا عن ذلك بأنّه في المقام لا يوجد دليل قطعي على حُجّيّة هذا الظهور، لأنّ دليله هو السيرة العقلائية وبناء العقلاء، والعقلاء إذا لاحظوا فرض الشكّ في الدخول في محلّ الابتلاء الذي هو شرط إمكان الحكم وصحّته ثبوتاً، فقد شكّوا في جعل الحجّيّة هنا.

نعم، إذا ورد من المعصوم نصٌّ قطعي يدلّ على صحّة الجعل هنا، ثبت به دخول ذلك الشيء في محلّ الابتلاء، وإمكان الحكم الواقعي في نفسه، وخرج عن محلّ الكلام.

ثم، انّ المحقق العراقي بعد أنْ فسّر كلام المحقّق الخراساني بما عرفت، أورد عليه إشكالاً ـ حسب تعبير وارد في تقرير بحثه ـ يحتمل أنْ يكون المقصود منه ما يلي: وهو أنّ الحكم الظاهري ليس حاله حال الحكم الواقعي، بحيث يكون احتمال الخروج عن محلّ الابتلاء مساوقاً لاحتمال عدم إمكانه، كما هو الحال في الحكم الواقعي، فإنّ روح الحكم الظاهري عبارة عن شدّة الاهتمام بالحكم الواقعي، وعدم الرضا بمخالفته على تقدير ثبوته، ومن المعلوم أنّ تقدير ثبوته هو تقدير الدخول في محلّ الابتلاء، والمفروض أنّ نفس العلم بشدة الاهتمام بالحكم على تقدير ثبوته يكفي في حكم العقل بالتنجيز الفعلي، فإشكال احتمال الخروج عن محل الابتلاء يفترض إخلاله بأي شيء؟ إن افترض إخلاله بالحكم الظاهري، قلنا: إنّ الحكم الظاهري عبارة عن شدّة الاهتمام المقيّدة بفرض الدخول في محلّ الابتلاء، وإنْ افترض إخلاله بحكم العقل بالتنجيز، قلنا: إنّ المفروض أنّ نفس العلم بشدّة الاهتمام على تقدير وجود الواقع منجّز بالفعل عقلاً.

بل إنّ الجواب لا يختصّ بفرض الالتفات إلى أنّ واقع الحكم الظاهري عبارة عن إبراز شدّة الاهتمام بالفرض الواقعي على تقدير وجوده، فحتّى لو افترضنا أنّ الحكم الظاهري عبارة عن جعل الحكم المماثل، أو نحو ذلك، وغفلنا عن أنّ هذا مجرّد صياغة للمطلب، وأنّ روح المطلب هو ذاك الاهتمام، فعلى أيّة حال ما دمنا لا