المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

235

على المبنى المشهور

أمـّا إذا بنينا في ذلك على المبنى المشهور القائل بأنّ الوجه في عدم منجّزية العلم الإجمالي في فرض خروج بعض الأطراف عن محلّ الابتلاء، هو دورانه بين تكليف فعليّ وتكليف مشروط لم يحصل شرطه، فيمكن أنْ يقال في بداية الأمر: إنـّه يكفي في عدم العلم بالتكليف الفعليّ احتمال خروج أحد الطرفين عن محلّ الابتلاء؛ إذ يحتمل ـ عندئذ ـ عدم فعليّة التكليف على تقدير ثبوته في ذاك الطرف وإنْ كان يقطع بفعليّته على تقدير ثبوته في الطرف الآخر، ومن الواضح: أنّ احتمال عدم الفعليّة على أحد التقديرين المحتملين كاف في عدم الجزم بالفعلية؛ لأنّ النتيجة تتبع أخسّ المقدّمتين .

إلّا أنـّه يُذكرُ في المقام مانعان عن التمسّك بالأصل:

المانع الأوّل: إطلاق دليل التكليف؛ لأنّ المفروض أنّنا لم نقطع بخروج ذاك الطرف عنه، فنتمسّك بإطلاق دليل التكليف، ويتشكّل لنا علم إجماليّ بتكليف يكون فعليّاً وجداناً على أحد التقديرين، وفعليّاً تعبّداً على التقدير الآخر.

وقد ظهرت مواقف ثلاثة تجاه التمسّك بهذا الإطلاق:

الأوّل: موقف المحقّق النائينيّ (رحمه الله) وهو الموافقة على التمسّك بهذا الإطلاق مطلقاً، أي: سواء كانت الشبهة مصداقيّة أو مفهوميّة(1) .

والثاني: موقف المحقّق الخراساني (رحمه الله) وهو عدم التمسّك به مطلقاً(2) .

والثالث: موقف المحقّق العراقي (رحمه الله) وهو التفصيل بين الشبهة المفهومية، فيتمسّك فيها بالإطلاق، والمصداقية فلا يتمسّك فيها به(3) .

والموقف الأوّل والأخير تطبيق لمبنى المحقّق النائيني والعراقي(رحمهما الله)العامّ على المقام، حيث إنّ المحقّق العراقي بنى في المخصّص المنفصل على التفصيل بين الشبهة المفهومية والمصداقية، بالتمسّك بالعامّ في الاُولى دون الثانية، فطبّق ذلك على المقام، والمحقّق النائيني بنى على التمسّك بالعامّ حتّى في الشبهة المصداقية إذا كان المخصّص لبّيّاً، فطبّق ذلك على المقام.

ويقع الكلام في وجه القول الوسط، حيث يبدو عدم ملائمته للمباني


(1) راجع أجود التقريرات: ج 2، ص 253 ـ 255، وفوائد الاُصول: ج 4، ص 19 ـ 21.

(2) راجع الكفاية: ج 2، ص 223 بحسب الطبعة المشتملة على تعليق المشكيني.

(3) راجع نهاية الأفكار: القسم الثاني من الجزء الثالث، ص 342 ـ 343.