المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

229

قد تقول: لا ينبغي التفريق بين القسم الأوّل والقسم الثاني من هذه الأقسام الأربعة في الحكم، فإمّا أنْ نقول بجريان الأصل في الطرف المقطوع دخوله في محلّ الابتلاء في كلا القسمين، أي: سواء كانت الشبهة مصداقية أو كانت الشبهة مفهومية، بمعنى شكّنا في أنّ العرف هل يرى تزاحماً وارتكازاً لانصراف الإطلاق بالنسبة للفرد الآخر، أو لا ؟ ففي كلا القسمين يكون احتمال وجود المعارض للأصل الجاري في الفرد المقطوع دخوله في محلّ الابتلاء ثابتاً، أمّا في الشبهة المصداقية، فلأنـّه على تقدير دخول الفرد الآخر ـ أيضاً ـ في محلّ الابتلاء يكون الإطلاق بالنسبة له تامّاً، ويكون معارضاً لإطلاق الأصل للفرد المقطوع دخوله في محلّ الابتلاء، والمفروض أنـّنا نحتمل دخوله في محلّ الابتلاء، وأمـّا في الشبهة المفهومية بالمعنى الذي عرفت، فلأنـّه على تقدير جزم العرف بعدم الارتكاز يكون الإطلاق أيضاً ثابتاً في الفرد الذي شككنا في دخوله في محلّ الابتلاء، فيتعارض الأصلان، والمفروض أنـّنا نحتمل جزم العرف بعدم الارتكاز.

وعندئذ، فإنْ قلنا بأنّ احتمال المعارض المتّصل كاحتمال القرينة المتّصلة لا ينفى بالأصل، فلا بدّ من القول بسقوط الأصل في كلا القسمين، وإنْ قلنا بأنّ احتمال المعارض المتّصل ينفى بالأصل، وليس كاحتمال القرينة المتّصلة، فلا بدّ من إجراء الأصل في الفرد المقطوع دخوله في محلّ الابتلاء في كلا القسمين، فلا مبرّر للتفصيل بينهما.

ولنا عن هذا الإشكال جوابان: ـ

الجواب الأوّل: أنـّنا لا نرى أنّ احتمال وجود المعارض المتّصل كاحتمال القرينة المتّصلة يبطل التمسّك بالظهور مطلقاً، ولا نرى أنـّه لا يبطل التمسّك بالظهور مطلقاً، بل نفصّل بين مورد الشبهة المفهوميّة والشبهة المصداقيّة، ففي مورد الشبهة المصداقية يُتمسّك بالعموم أو الإطلاق، ولكنْ في الشبهة المفهومية يكون حاله فيها حال احتمال القرينة المتّصلة، ويكون مضّراً بالظهور، فبهذا يثبت الفرق بين القسم الأوّل والقسم الثاني، ففي القسم الأوّل لمّا كانت الشبهة مصداقية جاز لنا التمسّك بالإطلاق لإثبات الترخيص الشرعي في الإناء المقطوع دخوله في محلّ الابتلاء، وفي القسم الثاني لمّا كانت الشبهة مفهومية، بمعنى شكّنا نحن فيما هو المفهوم لدى العرف، لم يمكن التمسّك بالإطلاق، ولا نفي احتمال المعارض بالأصل.

نعم، في القسم الثالث حينما كان الشكّ المفهومي شكّاً للعرف نفسه كان هذا ملحقاً بالقطع بعدم المعارض، فنحن نقصد هنا بالشبهة المفهوميّة ـ التي لا يمكن