المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

228

احتمال الإجمال لا معنى للتمسّك بإلاطلاق، إذن لا يجري الأصل ـ عندئذ ـ في الطرف الداخل في محلّ الابتلاء.

الثالث: أنْ يكون الشكّ مفهوميّاً أيضاً، ولكن لا بمعنى شكّنا في فهم العرف، بل بمعنى شكّ العرف نفسه في الارتكاز ونكتته، وذلك بأنْ يشكّ العرف في ثبوت التزاحم وعدمه في المقام بين الأغراض اللزوميّة والترخيصيّة، على أساس أنّ ذلك أمر مشكك في الخفاء والجلاء، فقد ينتهي في الخفاء إلى شكّ العرف في ذلك على حدّ شكّه فيما هو من أوضح المفاهيم العرفيّة من قبيل الماء، فالمعنى العرفي للماء وإن كان له تعيّن واقعي، ولكن نفس العرف حينما ينظر في درجة من درجات اختلاط الماء مع التراب بالنسبة إلى مفهوم الماء يشكّ في أنـّه هل ينطبق على هذا المصداق أو لا؟ فإنْ كان الشكّ في الارتكاز من هذا القبيل جرى الأصل في الطرف المقطوع دخوله في محلّ الابتلاء؛ لعدم ابتلائه بالمعارض؛ لأنّ احتمال العرف للارتكاز في الطرف الآخر يمنعه عن التمسّك بإلاطلاق فيه على أساس أنّ احتمال القرينة المتّصلة يبطل الإطلاق ولا يُنفى بالأصل(1) .

الرابع: أنْ يشكّ العرف في نكتة الارتكاز وهي التزاحم، بمعنى أنّ العرف يرى تزاحماً في المقام بين الأغراض ـ ولو ضئيلاً ـ وليس شاكّاً في أصل صدق التزاحم، كما هو الحال في القسم السابق، ولكنّه يحتمل على أساس ضئآلة التزاحم أنّ المولى لا يرى هذا تزاحماً، ولا يلحظه، أي أنْ تكون نسبة المولى إلى هذا التزاحم الضئيل، كنسبة العرف إلى ما هو أضأل من هذا من التزاحم الموجود في مورد القطع بالخروج عن محلّ الابتلاء، والذي لا يلحظه العرف ولا يراه.

وفي هذا القسم لا يجري الأصل في الطرف المقطوع دخوله في محلّ الابتلاء؛ لابتلائه بالمعارض، وهو الأصل في الطرف الآخر؛ لعدم انصراف الإطلاق عنه؛ لأنّ الشكّ ليس في أصل الارتكاز العرفي، بل الارتكاز الموجب للانصراف منتف عند العرف، غاية ما هناك أنّ العرف احتمل وجود نكتة الارتكاز لدى المولى، وهذا الاحتمال لايمنع عن التمسّك بالإطلاق.

 


يأتي فيه هذا الكلام؛ لعدم الإجمال عند انفصال المعارض.

(1) وإنْ شئت فقل: إنّ هذا داخل في احتمال قرينيّة المتّصل، على أساس أنّ هذا المستوى من البعد عن معرضيّة التناول حالة مكتنفة بالكلام صالحة للقرينيّة، ولئن شككنا في أنـّه هل يجوز نفي احتمال القرينة المتّصلة بالأصل أو لا، فلا خلاف بينهم في عدم جواز نفي احتمال قرينيّة المتّصل، أو صلاحيّته للقرينيّة بالأصل.