المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

226

الضرائب منهم، وكما يقبح الأوّل ويستهجن كذلك الحال في الثاني(1).

أقول: تارةً يفترض أنـّه حيث كان الفعل متوقّفاً على مقدّمات طويلة وصعبة، يحصل للإنسان الجزم بعدم قدرته على إحدى المقدّمات في ظرفها إجمالاً، فهذا ينبغي أنْ يفترض خارجاً عمّا نحن فيه، لأنـّه في الحقيقة رجوع إلى عدم القدرة العقليّة، غاية الأمر أنّ حصول القطع بعدم القدرة يكون هنا بملاك حساب الاحتمالات، فقد يحصل لأحد مثل هذا العلم الإجمالي بلحاظ كثرة المقدّمات وصعوبتها، وعندئذ يقطع بعدم القدرة عقلاً على الفعل، وسقوط التكليف بهذا السبب، واُخرى يفترض أنّ جميع المقدّمات على كثرتها وصعوبتها داخلة تحت القدرة عقلاً، بحيث لو عمل العبد في سبيل تحصيلها، حصل على المطلوب في نهاية الشوط، فهنا لا نسلّم عدم صحّة ايجاب ذلك عليه، فإنّ صحّة ذلك وعدمها تدور مدار مولويّة المولى في مثل هذا العمل، وثبوت حقّ الطاعة له على عبده، فإنْ فرض ثبوت حقّ الطاعة له على العبد حتّى في العمل المتوقّف على مقدّمات كثيرة بعيدة وصعبة، ما دام قادراً عليها، كما هو ثابت للمولى الحقيقي ـ جلّ شأنه ـ فله أنْ يأمر بذلك، وهو يأمر بذلك في فرض شدّة الاهتمام بالفرض، كما أمر نبيّنا (صلى الله عليه وآله)بنشر الدين، وفتح العالم، بالمقدار الذي صدر منه (صلى الله عليه وآله)، مع أنـّه في بداية الأمر لو تصوّر أحدٌ شخصاً اُمّيّاً، في جزيرة العرب يفكر في فتح العالم، وإذلال كسرى وقيصر، لاستهزأ به، وإنْ فرض عدم ثبوت مثل هذا الحقّ له لم يصحّ مثل هذا التكليف، من باب عدم المولويّة رغم القدرة، لا من باب عدم القدرة، وهذا هو الحال في المولويّات العرفيّة، فالأب مثلاً له مولويّة وحقّ الطاعة على الإبن في أمره بسقيه الماء، لكن ليست له المولويّة وحقّ الطاعة في عمل موقوف على مثل هذه المقدّمات الصعبة البعيدة المدى، فلا يصحّ منه أنْ يأمر ابنه بذلك، إلّا من باب الإرشاد والنصح، فلعلّ ملاحظة حال المولويّات العرفيّة أوجبت تخيل القبح والاستهجان على الإطلاق

 

الشكّ في الخروج عن الابتلاء

الأمر الثاني: إذا شكّ في بعض الأطراف في خروجه عن محلّ الابتلاء أو


(1) راجع نهاية الأفكار: القسم الثاني من الجزء الثالث، ص 339.