المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

221

وأظنّ أنّ هذه النكتة كانت موجودة ارتكازاً أو إجمالاً في اذهان العلماء (قدس الله اسرارهم ) ورأوا بارتكازهم العرفيّ أنّ دليل الأصل شامل للجانب الداخل في محلّ الابتلاء من العلم الإجمالي، وأنـّه لا يعارضه الأصل في الطرف الآخر، أي: أنّ دليل الأصل لا يشمل ذات الطرف الآخر، إلّا أنـّهم لمّا حاولوا أنْ يفلسفوا الموقف ربطوا ذلك بمسألة كون التكليف مشروطاً بالدخول في محلّ الابتلاء وعدمه؛ إذ رأوا أنـّه مع فرض ثبوت التكليف حتّى في مورد الخروج عن محلّ الابتلاء يكون الطرف الخارج عن محلّ الابتلاء أيضاً مورداً للتكليف، وموضوع الأصل عبارة عن احتمال التكليف وعدمه، وهذا الموضوع ثابت في المقام، فيتعارض الأصلان ويتساقطان، فصاروا بصدد بيان عدم ثبوت التكليف في موارد الخروج عن محلّ الابتلاء توجيهاً لعدم جريان الأصل في ذلك الطرف.

ونحن نجعل هذا الإجماع من قبلهم إلّا نادراً ـ من قبيل ما ذهب إليه السيّد الاُستاذ ـ مؤيّداً لما بيّناه، من الارتكاز العقلائي، فكأنـّه ناشىء من ارتكاز شمول دليل الأصل للطرف الداخل في محلّ الابتلاء، دون الطرف الآخر، ووقع الاشتباه في تفلسف المطلب.

وقد ظهر بما نقّحناه: أنـّه على تقدير قصر النظر على الاُصول العقليّة لا وجه لانحلال العلم الإجماليّ، ويكون حاله حال سائر العلوم الإجماليّة، وعلى تقدير الالتفات إلى الاُصول الشرعيّة ننتهي إلى الانحلال الحكمي، لاختصاص المؤمّن الشرعي بالطرف الداخل في محلّ الابتلاء.

بقي علينا ما وعدناه من البحث في اشتراط التكليف بالدخول في محلّ الابتلاء وعدمه، فنقول: ـ

إنّ بعض كلماتهم في مقام بيان وجه اشتراط التكليف بالدخول في محلّ


الترخيص من الخارج عن محلّ الابتلاء لضئالة التزاحم الموجود بين الغرضين، أو آمنّا بما قلناه من أنّ الترخيص فى الطرف الداخل في محلّ الابتلاء، بشرط خروج الطرف الآخر عن محلّ الابتلاء، لا يعارضه شيء؛ لضمان عدم المخالفة القطعيّة، فإنْ آمنّا بالثاني فهو يأتي في مورد العجز حرفاً بحرف. وإنْ آمنّا بالأوّل فهو يأتي في مورد العجز بأوضحَ منه في مورد الخروج عن محلّ الابتلاء؛ إذ في مورد الخروج عن محلّ الابتلاء، كان يقال: إنّ التزاحم الضئيل العقليّ الموجود لا يراه العرف لضئالته، فينصرف إطلاق دليل الترخيص عن مورده، في حين أنـّه في مورد العجز الكامل لا يوجد تزاحم، حتى بالمستوى الضئيل العقليّ.