المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

219

بلا معارض (1).

 


لا معارض له؛ لأنـّه حتّى لو فرض جريان الأصل في الإناء الأبيض تلزمُ من الجمع بينهما مخالفة الارتكاز؛ لمضمونيّة عدم حصول المخالفة القطعيّة، على أساس مشروطيّة الأصل في الإناء الأسود بخروج الأبيض عن محلّ الابتلاء، ولكنّ الترخيص في الإناء الأبيض غير جار، لا مطلقاً ولا مشروطاً بخروجه عن محلّ الابتلاء. أمّا الثاني؛ فلعدم معقولية هذا الشرط؛ لعدم التحصيص. وأمـّا الأوّل؛ فلأنّ الترخيص المطلق في الإناء الأبيض يعارض الترخيص المطلق في الإناء الأسود. نعم، الترخيص في الإناء الابيض أيضاً جار مشروطاً بخروج الأسود عن محلّ الابتلاء.

والخلاصة: أنّ الترخيص في كلٍّ منهما جار مشروطاً بخروج الآخر عن محلّ الابتلاء، وهذا أمرٌ معقول؛ لأنّ خروج أحدهما عن محلّ الابتلاء وعدمه يحصّص شرب الآخر إلى حصتين: حصّة مقارنة لخروج الأوّل عن محلّ الابتلاء، وحصّة مقارنة لعدم خروجه. وهذان الترخيصان المشروطان لا يؤدّيان إلى معرّضيّة الغرض الإلزامي للفوت القطعي، كي يصطدما بالارتكاز المانع عن ذلك.

ولا يرد على هذا ما سبق إيراده على شبهة المحقّق العراقي، وهي شبهة التنجيز القائلة بأنـّه لو قيّد إطلاق الأصل في كلّ من الطرفين بفرض ترك الآخر لم تلزم مخالفة قطعيّة، حيث سبق الإيراد على ذلك بأنّ هذا يؤدّي بحسب المدلول التصديقي الجدّي إلى الترخيص في الجامع، لا إلى ترخيصين مشروطين، وهذه مؤونة زائدة، ففي المقام ليس الأمر كذلك، وإنـّما هما ترخيصان مشروطان .

(1) وقد اتّضح بهذا العرض أنّ الخروج عن محلّ الابتلاء يستحيل تأثيره على الملاك، وكذلك يستحيل تأثيره على التنجيز العقلي، ولكنّه يؤثّر ـ حسب رأي اُستاذنا الشهيد ـ على الدخول في إطلاق التأمين الشرعي.

وأمـّا الخروج عن تحت القدرة، فقد عرفت إمكان تأثيره على الملاك، كما أنّ بالإمكان عدم تأثيره عليه.

فلو فرض عدم تأثيره على الملاك، بأن كان الملاك ثابتاً حتى مع العجز، فهل يؤثّر على التنجيز، أو لا؟

التحقيق في ذلك: أنّ عدم القدرة إنْ كان بمعنى العجز عن الامتثال، فمن البديهي تأثيره على التنجيز، فالملاك الذي يعجز العبد عن تحقيقه لا يتنجّز عليه، وكذلك الخطاب الصادر من مولىً جاهل بعجز العبد لا يتنجّز على العبد العاجز عن العمل به، والعجز عن الامتثال يحصّص المخالفة إلى حصّتين: وهي الحصّة المقارنة للاضطرار، والحصّة المقارنة للاختيار، والثانية هي التي تدخل تحت دائرة حقّ المولوية دون الاُولى.