المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

215

بوجوب الامتثال. إذن فدخل وصف الدخول في محلّ الابتلاء في الخطاب وعدمه غير مرتبط بغرض الاُصولي أصلاً.

نعم، يبقى أن نتكلّم في هذا الأمر في ذاته، وهذا ما سنبحثه بعد الانتهاء عن المقامات الأربعة.

وأمـّا المقام الثالث: وهو دخل وصف الدخول في محلّ الابتلاء في قبوله للتنجز وعدمه ـ فالصحيح أنّ دخله في ذلك محال، بمثل ما مضى من برهان استحالة دخله في الملاك، بيان ذلك: أنّ التنجّز معناه حكم العقل باستحقاق العبد للعقاب على المخالفة، والوجه في هذا الحكم هو دخول تلك المخالفة في دائرة حقّ المولى المقتضي لتركها، فإذا كان الشيء محصّصاً للمخالفة كالعلم، أمكن أنْ يقال: إنّ هذه الحصّة من المخالفة يكون من حقّ المولى تركها، والحصة الاُخرى لا يكون من حقّ المولى تركها، فيقال: إنّ المخالفة المقترنة بالعلم داخلة في دائرة حقّ المولويّة الموجب للترك، ولكنّ المخالفة غير المقترنة بالعلم ليست داخلة في تلك الدائرة، وفيما نحن فيه لا توجد لدينا حصّتان من المخالفة إحداهما المخالفة مع الدخول في محلّ الابتلاء، والاُخرى المخالفة مع الخروج عن محلّ الابتلاء، حتّى يقال: إنّ ما يستحق المولى تركه إنـّما هو القسم الأوّل لا الثاني.

وأمـّا المقام الرابع: وهو كون الدخول في محلّ الابتلاء دخيلاً في مورديّة الشيء للأصل المؤمّن الشرعي وعدمه ـ فالصحيح هو دخله في ذلك، وانصراف أدلّة الاُصول عمّا هو خارج عن محلّ الابتلاء، وذلك بارتكاز العقلاء.

توضيح ذلك: أنّ الذي يفهم عرفاً من أدلّة الأحكام الظاهريّة هو ما مضى منّا من أنـّها تكون في مقام بيان شدّة الاهتمام وعدمها بالأغراض الواقعيّة لدى تزاحم الأغرض الإلزاميّة والترخيصيّة، أعني: مصلحة كون المكلّف في سعة وحرّية فى تصرفه، ففي مورد لا يتعقّل العرف التزاحم تنصرف عنه أدلّة الاُصول، ولهذا قلنا: إنّ أدلّة الاُصول لا يدلّ شيء منها على إجراء الأصل في تمام أطراف العلم الإجمالي؛ لأنّ العرف لا يتعقّل قابلية الغرض الترخيصي لمزاحمة الغرض الإلزامي المعلوم بالإجمال، فلا نجري الأصل في أطراف العلم الإجمالي بالرغم من أنـّنا لا نرى استحالة الترخيص في تمام أطراف العلم الإجماليّ، ونقول فيما نحن فيه أيضاً: إنّ دليل الأصل لا يشمل الطرف الخارج عن محلّ الابتلاء؛ لأنـّه لا يتعقّل العرف تزاحم الغرض الإلزامي والغرض الترخيصي فيه، فالتزاحم وإنْ كان معقولاً في المقام بحسب التدقيق العقلي بين الغرضين؛ إذْ لو رخّص المولى فى شرب الإناء المحتمل