المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

212

عدم التنجيز، ومَنْ قال بعدم اشتراطه بذلك اختار هنا التنجيز، ومن هنا تركّز البحث والنقاش في أنّ التكليف هل يكون مشروطاً بالدخول في محلّ الابتلاء، أو لا؟ فالمشهور اختاروا عدم التنجيز؛ لاشتراط التكليف عندهم بذلك، والسيّد الاُستاذ أنكر اشتراط التكليف بذلك، فأثبت التنجيز في المقام(1) .

والصحيح أنـّه لا علاقة بين المسألتين، وأنّ التنجيز في المقام يدور وجوداً وعدماً مدار نكتة اُخرى، فعلى بعض التقادير يكون العلم الإجماليّ منجّزاً، سواء قلنا باشتراط التكليف بالدخول في محلّ الابتلاء أو لا، وعلى بعض التقادير لا يكون منجّزاً مطلقاً، والمختار هو عدم التنجيز، وعدم اشتراط التكليف بالدخول في محلّ الابتلاء، فالمشهور أصابوا في القول بعدم التنجيز، ولكنّهم أخطأوا في القول باشتراط التكليف بالدخول في محلّ الابتلاء، وجعل ذلك مدركاً للقول بعدم التنجيز، الأمر الذي أدّى بالسيّد الاُستاذ إلى القول بالتنجيز في المقام، حيث رأى عدم اشتراط التكليف بالدخول في محلّ الابتلاء.

وتفصيل الكلام في ذلك: أنّ دخل وصف الدخول في محلّ الابتلاء يتصوّر فى مقامات أربعة:

الأوّل: الملاك.

والثاني: الخطاب بعد فرض الفراغ عن عدم دخله في الملاك.

والثالث: التنجيز بوقوعه طرفاً للعلم الإجماليّ، أو بتعلّق العلم التفصيليّ به بعد فرض الفراغ عن عدم دخله في الملاك والخطاب، أو في خصوص الملاك.

والرابع: المورديّة للأصل المؤمّن الشرعيّ بعد فرض الفراغ عن ثبوت الملاك والخطاب أو الملاك وحده مع قابلية التنجيز عقلاً. فإنْ قلنا بمورديّة هذا الطرف الخارج عن محلّ الابتلاء للأصل المؤمّن الشرعيّ كان الأصل في الطرف الآخر الداخل في محلّ الابتلاء مبتلىً بالمعارض، فيتساقط الأصلان ويتمّ التنجيز، وإلّا جرى الأصل المؤمّن في الطرف الداخل في محلّ الابتلاء بلا معارض.

أمـّا المقام الأوّل: فالصحيح أنّ وصف الدخول في محلّ الابتلاء يستحيل دخله في الملاك، وليس من قبيل وصف القدرة الذي يمكن عقلاً دخله في الملاك بان ينتفي الملاك عند عدم القدرة، وضرورة صدور الفعل، أو استحالته. والفرق


(1) راجع مصباح الاُصول: ج 2، ص 395 ـ 396. والدراسات: ج 3، ص 254 ـ 255.