المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

210

بالأقلّ ويجري الأصل في الزائد، وهي الحرمة بعد رفع الاضطرار.

نعم، بعد أن رفع الاضطرار بأحدهما يعلم إجمالاً بأنـّه إمـّا أن يكون الآن الفرد الآخر حراماً عليه، أو أنّ الفرد الذي ارتكبه فعلاً كان قبل الاضطرار حراماً عليه، وهذا العلم غير منجِّز؛ لمضيّ أحد أطرافه، ويجري الأصل في الطرف الآخر بلا معارض.

إنْ قلت: إنـّه من أوّل الأمر كان بالإمكان أنْ يشير إلى الفرد المعيّن في الواقع الذي سوف يرفع الاضطرارية، ويقول: إنـّي أعلم إجمالاً بأنـّه إمـّا ذاك الفرد حرام عليّ الآن، أو الفرد الآخر حرام عليّ بعد رفع الاضطرار.

قلت: إنّ الأصل النافي لحرمة الفرد الآخر بعد رفع الاضطرار ليس معارضاً للترخيص في المخالفة القطعيّة (1) للفرد الأوّل الآن؛ لأنّ الترخيص في المخالفة القطعيّة للفرد الأوّل الآن يكون عبارة عن الترخيص في كلا الفردين الآن؛ إذ ذاك الفرد الذي سوف يرفع اضطراره به عنوان إجمالي، لا يعلم أنـّه هل هو هذا أو ذاك، ومن المعلوم أنّ هذا الترخيص في نفسه مبتلىً بالمحذور العقليّ أو العقلائيّ؛ لكونه ترخيصاً في المخالفة القطعيّة للتكليف المعلوم، فلا يصبح طرفاً للمعارضة مع الأصل النافي لحرمة الفرد الآخر بعد رفع الاضطرار.

نعم، بناءً على علّيّة العلم الإجماليّ لوجوب الموافقة القطعيّة يكون العلم الإجماليّ المذكور في (إنْ قلت) منجّزاً، إلّا إذا قبلنا بانحلال هذا العلم الإجماليّ بتنجّز أحد طرفيه، وهو الفرد الأوّل بعلمه الإجمالي بلحاظ الآن الأوّل بحرمة أحد الطرفين.

 


(1) أمـّا الترخيص في واقع الفرد الأوّل المجهول عندي فلا أثر له.

ولعلّ الأولى في مقام الجواب الاكتفاء بهذا؛ لأنّ دليل البراءة إنـّما يدلّ على الترخيص في واقع المخالفة للفرد، لا في المخالفة القطعيّة للفرد.