المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

194

وهو حرمة مسّ الكتاب مثلاً.

والخلاصة: أنّه مهما كان استصحاب الكلّيّ من القسم الثاني لأجل ترتيب أثر شرعي مترتّب على الجامع، فهو جار، ومهما لم يكن للجامع أثر شرعي، وإنـّما كان المقصود تنجيز الطرف الآخر لا يجري، وأمّا استصحاب ذات الإلزام الواقعيّ على ما هو عليه، فهو استصحاب للفرد المردد بين ما يقطع بزواله ومايقطع بعدم زواله، وذلك غير جار، ولو جرى لجرى ـ أيضاً ـ في فرض سبق الاضطرار على سبب التكليف، غاية الأمر أنـّه يجري فيه بنحو الاستصحاب الموضوعي، فيستصحب عدم طروّ الاضطرار على واقع ما هو متعلّق الحرمة.

وقد تحصّل بما ذكرناه: انـّه لا يجري فيما نحن فيه استصحاب الكلّي في نفسه.

ثمّ على تقدير جريانه لا يحكم عليه الأصل في طرف الفرد الطويل؛ إذ الكلّيّ ليس حكماً للفرد الطويل ينفى ظاهراً بنفي موضوعه بالأصل، فإنّ الكلّيّ إنْ فرض عين الفرد فلا تعدّد في المقام، حتى بفرض سببيّة أحدهما للآخر، وموضوعية أحدهما للآخر، وإنْ فرض غير الفرد ومسبّباً عن الفرد، فهذا مسبّب عقليّ لا أثر شرعيّ ينفى ظاهراً بنفيه بالأصل، على أنـّه لو كان أثراً شرعيّاً له، فإنّما يمكن نفيه بنفي موضوعه بمثل الاستصحاب، لا البراءة التي لا تنفي الموضوع، وإنـّما شأنها التأمين من قِبَل ما يجري بلحاظه.

ولعلّه وقع هنا في الدراسات خلط واشتباه، فإنّه على ما أتذكّر يقول السيّد الاُستاذ في باب الاستصحاب بعدم حكومة استصحاب عدم الفرد الطويل على استصحاب الكلّيّ، فكيف يقول هنا بحكومة البراءة عن الفرد الطويل عليه؟!

التقريب الثاني: ما ذكره المحقّق النائينيّ (قدس سره) من أنـّه قد علم بعد حصول الاضطرار بتحقّق التكليف واشتغال الذمّة، وشكّ في سقوط التكليف، ومع الشكّ في السقوط لا في أصل التكليف تجري أصالة الاشتغال.

وهذا ـ أيضاً ـ غير صحيح، وتوضيح ذلك: أنـّه لو علم الإنسان بتكليف وشكّ في سقوطه لاحتمال إتيانه به، أو احتمال طروّ العجز عنه، فهنا يحكم العقل بلزوم الاحتياط، وأمـّا لو علم بطروّ العجز عن شيء، وثبوت القدرة على شيء، وشكّ في أنّ تكليفه هل هو تكليف لما طرأ العجز عنه يقيناً، فهو ساقط، أو تكليف بالشيء الآخر الثابت تحت قدرته، فهو باق حتى الآن، كما هو الحال فيما نحن فيه، فهذا