المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

193

القسم الثاني، نظير استصحاب الحدث بعد الوضوء عند التردّد بين الحدث الأصغر والأكبر، وهذا وإن كان لايثبت ذاك التكليف الطويل؛ لأنّ ذلك تعويل على الأصل المثبت، لكنّه بعد أن ثبت بالاستصحاب توجّه تكليف إلى العبد، فالعقل يحكم بلزوم الخروج عن عهدته جزميّاً، وهذا لا يكون إلّا بالعمل بالتكليف الطويل.

ثم أجاب عن هذه الشبهة بأنّ استصحاب الكلّيّ من القسم الثاني إنـّما يتمّ فيما إذا لم يمكن نفي الفرد الطويل بالأصل المؤمّن، كما في مثال الحدث، حيث إنّ استصحاب عدم الحدث الأكبر معارض باستصحاب عدم الحدث الأصغر، فيرجع إلى استصحاب الكلّيّ. وأمـّا فيما نحن فيه فأصالة البراءة الجارية في طرف الفرد الطويل لا معارض لها؛ إذ التكليف في الطرف ساقط قطعاً بعد الاضطرار، وقبله كانت الشبهة بدويّة غير مقرونة بالعلم الإجماليّ، والأصل في طرف الفرد الطويل حاكم على استصحاب الكلّيّ؛ لأنّ الشكّ في بقاء الكلّيّ ناشىء من الشكّ في الفرد الطويل، وبهذا ندفع شبهة استصحاب الكلّيّ في دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين بعد الإتيان بالأقلّ.

أقول: إنّ هذا الكلام كلّه ممّا لا يناسب السيّد الاُستاذ، فإنّ استصحاب الكلّيّ هنا في نفسه غير جار بقطع النظر عن وجود حاكم عليه، إذ الجامع بين التكليف الطويل والتكليف القصير الخارج عن تحت(1) القدرة لا يقبل التنجيز؛ لأنـّه جامع بين ما يقبل التنجيز، وهو التكليف الطويل، وما لا يقبل التنجيز ولا يدخل تحت دائرة حقّ المولى ولو صرّح المولى به، وهو التكليف بغير المقدور، ولهذه النكتة ـ أيضاً ـ نقول بعدم جريان استصحاب الكلّيّ في دوران الاُمر بين الأقلّ والأكثر بعد الإتيان بالأقلّ، أو دوران الأمر بين المتباينين بعد الإتيان بأحدهما؛ لأنّ الجامع بين ما يقبل التنجيز وهو الأكثر، أو الفرد الآخر، وما لا يقبل التنجيز وهو الحكم الممتثل غير قابل للتنجيز، والحكم بعد الامتثال لا يعقل أن يكون داخلاً في دائرة حقّ المولى لامتثال ثان، وهذا بخلاف مثال الحدث، فإنـّه في مثال الحدث نستصحب الكلّيّ لا لتنجيز وجوب الغسل، بل لإثبات الأثر الشرعي الذي أُخذ في موضوعه جامع الحدث،


(1) أفاد رحمه الله: أنّ الكلام فعلاً نفرضه في الاضطرار البالغ حد العجز عقلاً أو شرعاً، ثمّ نتكلّم في أحد تنبيهات بحث الاضطرار في الاضطرار المنفي شرعاً بمعنى مجرّد الترخيص في الخلاف.